قالوا: والإِيمان الذي يتعقبُه الكفر فيموت صاحبه كافرًا ليس بإيمانٍ، كالصلاة التي يُفسدها صاحبها قبل الكمال، وكالصيام الذي يفطر صاحبه قبل الغروب، فصاحب هذا هو عند الله كافرٌ، يعلمه بما يموت عليه وكذلك قالوا في الكفر. انتهى مختصرًا. ثم قال: والذين قالوا بالموافاة جعلوا الثبات على الإيمان إلى العاقبة والوفاء به في المآل شرطًا في الإيمان شرعًا، لا لغةً، ولا عقلًا، حتى إن الإمام محمد بن إسحاق ابن خزيمة كان يغلو في هذا ويقول: من قال: أنا مؤمن حقًا فهو مبتدع: قال شيخ الإسلام: ومذهب أصحاب الحديث كابن مسعود وأصحابه، والثوري، وابن عُيَينة، وأكثر علماء الكوفة، ويحيى بن سعيد القطَّان، فيما يرويه عن علماء البصرة والإمام أحمد بن حنبل، وغيره من أئمة السنة: كانوا يستثنون في الإيمان، وهذا متواترَ عنهم، لكن ليس في هؤلاء من قال: إنما أستثني من أجل الموافاة، وأن الإيمان إنما هو اسم لما يُوافى به، بل صرح أئمة هؤلاء بأن الاستثناء إنما هو لأن الإيمانَ يتضمنُ فعلَ جميع الواجبات، فلا يشهدون لأنفسهم بذلك كما لا يشهدون لها بالبر والتقوى، فإن ذلك مما لا يعلمونه وهو تزكية لأنفسهم بلا علم. =