قال علي القاري: وأصلُه من الرِّشاء الذي يُتَوَصَّلُ به إلى الماء. قيل: الرِّشوَةُ: ما يُعطَى لإِبطال حقٍّ، أو لإِحقاق باطلٍ. أمَّا إذا أَعْطَى لِيَتَوَصَّلَ به إلى حق، أو لِيَدْفَعَ به عن نفسه ظُلْمًا، فلا بَأسَ به قال التُّورِبِشْتِي رحمه الله تعالى: ورُوِيَ أن ابن مسعود أُخِذَ في شيءٍ بأرض الحبشة، فأَعطَى دِينَارَيْنِ حتى خلَّى سبيله. اهـ. "التعليق الصبيح". ثم اعلم أنهم قَسَّمُوا الرِّشوَةَ إلى أربعة أقسام: حرامٌ على الآخذ والمُعْطِي، وهو الرِّشوَةُ على تقليد القضاء والإِمارة. الثاني: ارتشى لِيَحْكمَ، وهو كذلك حرامٌ على الجانبين. الثالث: أخذُ المال ليسوي أمره عند الحاكم دفعًا للضرر، وجلبًا للنفع، وهو حرامٌ على الآخذ لا الدافع. الرابع: ما يَدْفَعُ لدفع الخوف على نفسه أو ماله حلالٌ للدافع، حرامٌ على الآخذ. واختُلِفَ في قضايا القاضي إذا ارْتَشَى، فقيل: لا يَنْفُذُ قضاؤه فيما ارتَشَى، ويَنْفُذُ فيما لم يَرْتَشِ. وذكر الإِمام البَزدَوِي: أنه يَنْفُذُ فيما ارتشى أيضًا. وقال بعضُ مشايخنا: إن قضاياه فيما ارْتَشَى، وفيما لم يَرْتَشِ باطلةٌ. وفي كتاب "آداب القاضي" لأبي محمد النيسافوري: إن أخذ القاضي الرِّشْوَةَ، وحَكَمَ للذي رَشَاهُ بحقِّ ليس فيه ظلمٌ، كان هذا الحكمُ باطلًا، لسقوط عدالة المرتشي. عيني، وفتح، كذا في "هامش الكنز".