للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الإشارةُ بنصبِ المسبِّحة دون العقد. والراوي يذكر العقدَ. والأولى عندي أن يقال: إن الأربعة هو الإيمان مع ما بعده، وما بعده تفسيرٌ للإيمان. فإذا قلنا: إنها إيمانٌ، قلنا: إنها شيء واحدٌ، وإن نظرنا إلى الأجزاء قلنا: إنها أربعة، فهو واحد من جهة الإجمال، وأربعةٌ من جهة التفصيل.

وبعبارة أخرى: أن المقصود كان الأمرُ بالإيمان، غير أنه قال (١): أربعة نظرًا إلى أجزائه الداخلة فيه. وهذا يوافق غَرَضَ المصنفِ رحمه الله تعالى أيضًا، فإنه جعل أداء الخُمُس من الإيمان. وأيضًا يوافق لما ذكره في باب سؤال جبرائيل ما بينَه النبي صلى الله عليه وسلّم لوفد عبد القيس، فإنه دليل على أنه عدَّ الأشياء الأربعة من أجزاءِ الإيمان وتفسيره. وكذلك بَوَّب في كتاب السِّير والجهاد بقوله: باب أداء الخمس من الدين، فدل على أنه معدودٌ عنده من الإيمان.

(وحده) وفرق في «المطول» بين الواحد والأحد. فقال: إن الواحدَ مشتقٌ من الوَحَد، ويصيرُ أحدًا بانقلاب الواو ألفًا، فالأحدُ اثنان: الأول من الوَحَد، وهو للعدد المقابل للاثنين، والثاني: للمنفرد عن الشيء. والأولُ لا يردُ إلا في سياق النفي، كقوله: {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} أي واحدًا. والثاني يُستعمل في الإثبات كقوله: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)} أي منفرد. ثم قيل: إن الواحد لا جمع له إلا أنه ثابت في شعر الحماسة:

قامُوا إليه ذرافات ووُحْدانا

قال التبريذي: والوحدان جمع الواحد، بمعنى المنفرد دون الواحد، بمعنى العدد المقابل للاثنين. قلت: لا بأس في كون الجمع للواحد بمعنى العدد أيضًا. وليطلب استعمالاته من "كليات" أبي البقاء فإنه بحث فيها أنه للانفراد عن الذات أو للانفراد عن الفعل. وكتب فيه السهيلي رسالة مستقلة.

(إقام الصلاة ... إلخ) قيل: إنه مجرور ومعطوف على الإيمان وتفسيره قد تم عند ذكر الشهادتين. ثم إنه بعد كونه معطوفًا على الإيمانِ إيمانٌ أيضًا. وقيل: بالرفع. وأقول: إنه داخلٌ في تفسير الإيمان، وهو الأقرب عندي وأوفق لغرض المصنف رحمه الله تعالى، ثم إنه قال الحافظ رحمه الله تعالى: إن الحج ليس بمذكور في أحد من طُرقه، لأنه فُرِضَ بعدَه وما ذُكِرَ في بعض طرقه من الحج معلولٌ عند المحدثين.

(وصيام رمضان) وهو مصدرٌ لغةً، لا جمعُ صوم وفي كتب الفِقه من قال: عليَّ صيام يلزمه ثلث صيام فدل على أنه جمعٌ عندهم، ولعله عُرفٌ حادثٌ. وإلا فالصيام مصدرٌ وليس بجمع.

(والحنتم) "سبزرنك كى روغنى كهر يا جيسى مرتبان" والحنتم وإن فسروها بالجرة الخضراء، ولكن لا يشترطُ أن تكونَ خضراءَ دائمًا. بل هذا بالنظر إلى الغالب.


(١) قلت: ولا يبعد أن يقال: إنه لما نهاهم عن أربعة ناسب، أن يأمرهم بأربعة، فإن الجمع بين أعداد المأمور به والمنهي عنه من نوع واحد أيضًا من المحسنات، وحينئذٍ لطف تعبير الإيمان بالأربعة جدًا، فذقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>