(٢) ولا يَجُوزُ الاستقراضُ إلَّا مما له مِثْلٌ، كالمَكِيلَات، والمَوْزُونَات، والعَدَدِيَّات المتقاربة. فلا يَجُوزُ قرضُ ما لا مِثْلَ له من المَوْزُوعات -والصواب والمَزْرُوعَات- والعَدَدِيَّات المتفاوتة، لأنه لا سبيل إلى إيجاب ردِّ العين، ولا إلى إيجاب القيمة، لاختلاف تقويم المقوِّمين. فتعيَّن أن يكونَ الواجبُ فيه رَدَّ المِثْلِ، فيختصُّ جوازُه بما له مِثْلٌ. وعن هذا قال أبو حنيفة، وأبو يوسف: لا يَجُوزُ القرضُ في الخبز لا وزنًا، ولا عددًا. وقال محمد: يَجُوزُ عَدَدًا. اهـ. عيني. (٣) وقال الطحاويُّ بعد أن رواه: ثم نُسِخَ ذلك بآية الرِّبا. وبيانُ ذلك أن آيةَ الرِّبا تُحَرِّمُ كل فَضْلٍ خالٍ عن العِوَضِ. ففي بيع الحيوان بالحيوان نسيئةً يُوجَدُ المعنى الذي حَرُمَ به الرِّبا، فَنُسِخَ كما نسخ بآية الرِّبا استقراضُ الحيوان، لأن النصَّ المُوجِبَ للحظر يكون متأخِّرًا عن المُوجِبِ للإِباحة. ومثل هذا النسخ يكونُ بدلالة التاريخ. فَيَنْدَفِعُ بهذا قول النوويِّ، وأمثاله: إن النسخَ لا يكون إلا بمعرفة التاريخ. اهـ: عيني. قلتُ: وهذا الجوابُ وإن كان مشهورًا فيما بين القوم، بَيْدَ أني اعْتَنَيْتُ بنقله لِمَا نبَّه عليه الشيخُ العيني في الجواب عن الشيخ النوويِّ، فإنه يُفِيدُ في مواضع إن شاء الله تعالى.