عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رضى الله عنهم - قَالَ رَخَّصَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُبَاعَ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا. أطرافه ٢١٧٣، ٢١٨٤، ٢١٨٨، ٢١٩٢ - تحفة ٣٧٢٣
والممرُّ من الحقوق. فإن كانت الأرضُ مملوكةً له، فحقُّ الممرّ ظاهرٌ، وإن لم تكن فقد أثبته الفقهاءُ أيضًا. وذلك لأنه لا يختصُّ بالمِلكية عندهم، ويجري فيه الوصيةُ، والهِبة، والتوارثُ دونَ البيع.
قوله:(حتى يَرْفَعَ) أي يكون حقُّ الممر للبائع في هذه السَّنة، حتى يجد ثمارَه، فإِنَّ الشَّارع لما جَعَل ثمارَها له، ثبت له حقُّ الممرّ لا محالةَ؛ نعم لاحقَّ له بَعْد تلك السَّنة.
قوله:(أن تُباع العَرَايا بِخَرْصِهَا) وقد مرَّ الكلامُ في تفسير العرايا في «البيوع» وادَّعِيت أَنا مِن قِبل نفسي - وإن لم يذكره فقهاؤنا - أنَّ تفسير الشافعيةِ أيضًا يأتي على مسائل الحنفية: بأَنْ يُقال: إن الرُّطَبَ، وإنْ كانت مَخروصةً أولا، لكنَّها تتعيَّنُ بعد الكَيْل، فإِنه إذ يسلِّمها إليه لا يسلِّمُها إلا بالكيل، فيكونُ بيعُ التمر بالرُّطَبِ كيلا بكَيْلٍ آخِرًا. وهذا عندنا جائزٌ (١). ولقائل أن يدَّعى بأنَّ كَيْلَ الرُّطب أيضًا عندهم كان معروفًا، لما روى:«نهى النبي صلى الله عليه وسلّم عن بَيْع الرُّطب بالتمر. ثم سألهم أينْقُصُ الرُّطَبُ إذا جفَّ؟ وهذا السؤال لا يستقيم، إلا إذا كان الكيلُ فيه معروفًا. وإذا ثبت الكَيْل في الرُّطب، ثبت أنها لو كالها البائعُ بعد الجذِّ عند التسليم جاز البيع المذكورُ على مسائلنا أيضًا، فإِنَّه يصيرُ البيعُ كَيْلا بكيْل، غيرَ أن كَيْلَ التمرِ كان في أوَّل الحالِ، وفي الرُّطَبِ في آخره.
ثُم إنّ تفسير الشافعية: رُوي عن سَهَل بن أبي حَثمة - وهو صحابيُّ صغيرُ السِّنّ - ورُوي عن زيدُ بن ثابت، - وهو أزيدُ منه عِلمًا، وأكبر منه سِنَا - نحو مذهب الحنفية، عند الطحاوي، ففيه قال زيدُ بن ثابت: «رخُّص في العَرَايا في النخلةٍ، والنخلتين تُوهبانِ للرجل، فيبيعهما بِخْرصِهما تمرًا»، قال الطحاوي فهذا زيد بن ثابت، وهو أحد من رَوى عن النبي صلى الله عليه وسلّم الرُّخصة في العَريَّةِ، فقد أخبر أنها الهبة، اهـ. ثم إنَّ راويًا قد جعل البيع بشرط: - إن زاد فلي، وإن نقص فعلي - مُزابنةً من جهة هذا الإِبهامِ فقط. لأن تعيينَ المبيع مطلوبٌ، ولما كان في الصورة المذكورة إبهامًا أدخلها تحت المزابنةِ، وإلا فلا وجْهَ لعدمِ جوازها فِقهًا.
٢٣٨٠ - قوله:(أَن تُباع العَرايا بِخرصِها تمرًا) ولا ذكِر فيه للعِوض، فيجوزُ أن نَحْمِله على النّقْدين، ولا يجب أن يكون رُطبًا.
٢٣٨١ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْمُخَابَرَةِ، وَالْمُحَاقَلَةِ، وَعَنِ
(١) قلت: فإن قلت: وحينئذ لم تكن للعَرِيَة حقيقةٌ، قلت: كلا بل لها حقيقةٌ، وإن آل الأمْرُ إلا البيعِ المطلقِ، وإنما تعرَّض إليه الشارعُ لكونها مخروصةً في أوَّل أمْرِها. وإن استقر الأَمْر على الكَيْل آخِرًا، وأما جَوازُها في خمسة أوسق، فقد مرّ أنه بحسب الواقع فقط، والمسألة أعمُّ منها.