قلت: وقد تكلَّم عليه المارديني، وبسط فيه جدًا، ونقل عن عمر، وعليِّ، وعائشة وابن عباس، وعبيد الله بن عمر، وسعيد بن المسيِّب، والشَّعْبي، والحسن، وطاوس، وعِكرمة أنه يتصدق بها بعد التعريف، وسردها بأسانيدِها مع الذبِّ عمَّا تُكُلِّم في أسانيدها، وإنَّما اكتفيتُ بذِكْر الاسماء، أما من شاء التفصيل، فليرجع إلى كتابه، ونقل عن "الأشراف" لابن المنذِر، وممَّن قال: يُعرِّفها حَوْلًا، ثُم يتصدَّقُ بها، ويُخَيِّرُ صاحِبُها إذا جاء بين الأَجْرِ والغُرْم له، مالك، والحسنُ بن صالح، والثَّورِيُّ، وأصحابُ الرأي. وقال الترمذي: هو قول الثوريِّ، وابن المبارَك، وأهل الكوفة. اهـ. "الجَوْهر النقي" ملخصًا. (٢) قلت: وفي مذكَّرة أُخرى كتبتها عن الشيخ في أوائل الحال في تقرير كلام صاحب "الهداية" أن ههنا ولايتين: ولايةٌ عامةٌ وهي للإِمام، ووِلايةٌ خاصةٌ وهي وِلاية الرجل على نفسه، وقد تجتمعان، فتكون الولايةُ الخاصة تحت الولاية العامة وقد تحذف العامَّة من اللفظ، وتُذْكر الخاصَّة فقط، فَيُتوهَّم منه استقلالها، مع كون العامة ملحوظةً هناك أيضًا، غايتها أنها لم تُذْكر لفظًا. فالولاية العامّة مرعيةٌ في الحالين. وبعبارة أُخرى أن التعبيرَ فيما اجتمعت الولايتان يأتي على نحوين: بذكر الولاية الخاصة مع حَذْف العامَّة، وبذكْر العامَّة مع حذف الخاصة، كما في ترى أفعال العِباد، فإنَّها تحت ولايةِ نفسه، وتحت الولاية العامة أيضًا، وهي ولايةُ الله تعالى على عباده. فَمِن النحو الأوَّل {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى: ٣٠] أسْند الفِعَل إلى نفسه وولايته، كأنه ليست هناك وِلايةٌ لأحدٍ، وهو الأكْثَرُ، ومن النحو الثاني: {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} فأسند كلها إلى العامَّة. وظهر أن الولاية الخاصَّة كانت تحتَ العامَّة مطلقًا، ذُكِرَتْ في اللَّفظ أم حُذِفت، ومن ههنا يَسْري الخِلاف، فمنهم مَنْ يقتصر على اللفظ. فلا يُراعي الولاية العامة، وخالَ أن العبادَ خالِقون لأفعالهم، ومنهم مَن نظر إلى المحذوفة أيضًا، فلم يَهْدر الولاية العامَّة لكونها مرعيةً في الحالين، فجعل العبدُ كاسِبًا، فقط. =