للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

زَمَنَ الْفَتْحِ أَخَذَ سَعْدٌ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ. فَأَقْبَلَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَقْبَلَ مَعَهُ بِعَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ. فَقَالَ سَعْدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا ابْنُ أَخِى عَهِدَ إِلَىَّ أَنَّهُ ابْنُهُ. فَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا أَخِى ابْنُ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ. فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى ابْنِ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، فَإِذَا هُوَ أَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ». مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِيهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «احْتَجِبِى مِنْهُ يَا سَوْدَةُ بِنْتَ زَمْعَةَ». مِمَّا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ. وَكَانَتْ سَوْدَةُ زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه ٢٠٥٣، ٢٢١٨، ٢٤٢١، ٢٧٤٥، ٤٣٠٣، ٦٧٤٩، ٦٧٦٥، ٦٨١٧، ٧١٨٢ تحفة ١٦٤٧٨ - ١٩٢/ ٣

- قوله: (أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّهَا)، واستدل منه بَعْضَهم على جوازِ بَيْع أُمِّ الولد، والآخرون على عَدَمِه (١)، كما فَصَّله النوويُّ في «شرح مسلم»؛ والكلّ في غيرِ موضعه، فإِنَّ الحديثَ مسوقٌ لبيانِ انقلاب الأُمور في إبَّان الساعةِ، ولا مِسَاس له بهذه المسائل. ونَقل الحافِظْ ههنا كلامًا مِن نُسخة الصَّغاني، مع عبارة الكِرْماني، وما فهمت مراده، ولعلَّه لم يتحصَّل مرادُه عند الحافظ أيضًا؛ ولذا اكتَفَى بِنَقْل عبارةِ الكِرماني، وسكت عليه؛ والذي يترشَّحُ منه انَّ بَيْع أُمِّ الولد جائز عند المصنِّف، كبيعَ المُدبَّر عند الشافعي.

قلت: أما بَيْع امِّ الولد، فلم يذهب إليه أَحَدُ من الفقهاء الأربعة، واختاره الصاهيريُّ، وفي «طبقات الشافعية»: أنه جَرَت محاورةٌ بين الِنْدَواني، والظاهري في مسألة بَيْع أُمِّ الولد، فحج الهِنْدوانيُّ الظاهريِّ، وهذه المسألةُ ليست من المسائل المُجْتَهِد فيها عندنا، حتى لو قضى بها القاضي أيضًا لم تَنْفِذ، بخلاف المُدَّبر، ولنا ما عند محمد في «موطنه» عن عمرَ: «أيما وليدةٍ ولدت من سيِّدها، فإِنه لا يبيعها، ولا يهبها، ولا يورثها، وهو يستمتع منها، فإِذا مات فهي «حُرَّة»، ثمَّ إنَّ الصَّغاني هذا هو الحافظ شمي الدين الصَّغاني، من علماء المئة السابعة، سافر من صَنعان - قرية - ونَزل بلا هوُر، ثُم رحل إلى اليمن، وهو إمامُ اللُّغة، حنفيُّ المذهب، وصنَّف «المحكم» «العُبَاب». و «القاموس» مأخوذٌ من هذين الكِتابَيْن.

٢٥٣٣ - قوله: (هُو لك يا عبدُ بْنَ زَمْعَةَ) .. الخ. وقد مرَّ الكلامُ فيه - في أوَّ البيوع - مُسْتوفىً؛ ولعلَّ البخاريِّ تمسك به على جوازِ البَيْع، بأن تلك الوليدةَ كانت أُمَّ ولد، ولما بقيت في بيت مَوْلاها بعد وفاتها أيضًا، دَلَّ على عدم عِتْقِها، وبقائها على الرِّقِّية، كما كانت، فيجوز بَيْعُها لا محالة؛ قلت: وقد مرَّ مني أنها كانت زانيةً، فلا تكون أُمَّ ولدٍ قَطْعًا، لتوقِفُّه على التحصين عندهم، ولم يوجد، وحنيئذٍ لا يتم ما رامه المصنِّف.


(١) قال الشيخ بدر الدين العيني: إنَّ الثابت عن عمرَ عدمُ جواز بَيْعِها، ورُوي مِثل ذلك عن عثمان، وعمر بن عبد العزيز، وهو قولُ أكثر التابعين، منهم: الحسن، وعطاء، ومجاهد، وسالم، وابن شِهاب، وإبراهيم: وإلى ذلك ذهب مالكٌ، والثوريُّ، والأوزاعي، والليث، وأبو حنيفة، والشافعي في أكثر كُتُبه؛ وقد أجاز بَيْعَها في بَعْض كتُبُه؛ وقال المُزَني: قَطَع في أربعةَ عشر موضعًا مِن كُتبه بأن لا تُباع وهو الصحيح من مذهبه، وعليه جمهور أصحابه، وهو قول أبي يوسف، ومحمد، وزُفَر، والحسن بن صالح، وأحمد، وإسحاق، وأبي عبيد، وأبي ثَوْر، اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>