وأوثق كتاب في النحو الرَّضِيّ، وأما باعتبار جمع المسائل فالأُشْمُوني، وأما كتاب سِيَبَويْه فهو «الكتاب»، إلا أنه عسير جدًا. وعلَّق عليه السَّيْرافي حاشية، وهو إمام النحو، فما يذكره يكون صحيحًا إلا أن إدراك مدارك سيبويه بعيد من شأنه.
٦٩ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا، وَبَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا». طرفه ٦١٢٥ - تحفة ١٦٩٤
٦٩ - (يحيى بن سعيد) هذا هو القطَّان إمام الجرح والتعديل وأول من صنف فيه، قاله الذهبي. وكان يفتي بمذهب أبي حنيفة رحمه الله تعالى وتلميذه وكيع بن الجراح تلميذ للثوري وهو أيضًا حنفي. ونقل ابن معين: أن القطان سئل عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى، فقال: ما رأينا أحسن منه رأيًا وهو ثقة. ونقل عنه أني لم أسمع أحدًا يجرح على أبي حنيفة رحمه الله تعالى، فعُلم أن الإمام الهُمام رحمه الله تعالى لم يكن مجروحًا إلى زمن ابن معين رحمه الله تعالى.
ثم وقعت وقعة الإمام أحمد رحمه الله تعالى، وشاع ما شاع وصارت جماعة المحدثين فيه فرقًا. وإلا فقبل تلك الوقعة توجد في السلف جماعة تفتي بمذهبه، ويحيى بن معين أيضًا حنفي، وعندي رسالة الذهبي وهو حنبلي الاعتقاد وشافعي المذهب وفيها: أنه كان حنفيًا متعصبًا، ولعل وجهه أن ابن معين جرح على ابن إدريس الشهير بالإمام الشافعي رحمه الله تعالى. وما قيل إنه غير الشافعي رحمه الله تعالى فليس بشيء، والحق عندي أنه وإن جرح عليه لكنه غير مناسب له فإن الشافعي رحمه الله تعالى له شأن لا يدركه ابن معين رحمه الله تعالى. ثم إن الدارقطني قد أقرَّ: أن أبا حنيفة رحمه الله تعالى أسن منهم، وأنه لَقِيَ أنسًا رضي الله تعالى عنه، وإنما الخلاف في روايته عنه. وجمع ابن جرير في كتاب «اختلاف الفقهاء» فقه أبي حنيفة والأوزاعي والشافعي رحمهم الله تعالى، ولم يأتِ بفقه أحمد رحمه الله تعالى ولا بمناقبه فسئل عن وجهه، فقال: إني جمعت فيه مذاهب الفقهاء ومناقبهم وأذكر مناقبه حين أذكر مناقب المحدثين، وأصرَّ على ذلك حتى استشهد بسببه. وكذا أبو عمر المالكي أيضًا ذكر مناقب هؤلاء الأئمة الثلاثة ولم يذزكر مناقب أحمد رحمه الله تعالى، والبيهقي أيضًا لم يقدح في أبي حنيفة رحمه الله تعالى مع كونه متعصبًا، كما ذكره الشيخ شمس الدين في «الغاية»: أني سمعت من مشايخي أنه متعصب، ومر عليه ابن السبكي فقال: إن سمعت أن لحوم العلماء مسمومة من يأكله يموت.
قلت: هو كذلك لكن من الطرفين ثم لم أر محدثًا فقيهًا أو فقيهًا فقط، يقدح في أبي حنيفة رحمه الله تعالى. نعم من كان منهم محدثًا فقط فإنه جرح عليه ثم إنه نقل عن أبي داود ما يدل على أنه من معتقدي أبي حنيفة رحمه الله تعالى حيث قال: رحم الله أبا حنيفة كان إمامًا. وأما البخاري فإنه يهجوه. وأما النسائي فقد ضعفه وشدد في حسن بن زياد، وقال: إنه كذَّاب وهو خلاف الواقع، وأما مسلم فلا يدري حاله غير أن الجارود رفيق سفره حنفي وأدبه العربي