٧٤ - (تمارى هو والحُرُّ) هذا الحرُّ تابعيٌّ، ووجه التَّماري: أن الحرَّ كان عالمًا بالتوراة، ولم تُذْكَر تلك القصة فيها.
(في صاحب موسى) واعلم أنه يُعلم من هذا الطريق أن التماري في صاحب موسى من هو خضر أو رجل آخر؟ ويُعلم من طريق آخر أنه في تعيين الذاهب نفسه أنه موسى بن عمران أو موسى بن يوسف؟ أقول: وكلاهما صحيحان، والاختلاف باعتبار الرَّجلين فمع رجل في الذاهب ومع آخر في صاحبه، ولا وهم ولا اضطراب.
(قال موسى: لا) وصدق موسى، لأنه كان نبي الوقت وهو يكون الأعلم في أمته قطعًا، إلا أنه أخذ عليه مؤاخذة لفظية حسب منزلته، حيث كان الأنسب له والأليق بشأنه أن يكل العلم إلى الله سبحانه وتعالى، ويتحرَّز عن الافتيات على الله صورةً، والادعاء ظاهر وتلك المناقشات لا تزال تجري مع الأنبياء عليهم السلام دون سائر الناس. ثم صيغة التفضيل في السؤال والجواب على العرف لا على طور أهل المعقول على حد قولهم: فلان أعلم بغداد فلا ضيق فيه.
(فجعل اللَّهُ له الحوتَ آيةً ... إلخ) وإنما أَبْهَمَ على موسى سبيله ولقيه تبكيتًا ومعاتبةً وإظهارًا لقصور علمه في كل موضع وكل مكان، ولذا ألقى عليه النسيان مرتين.
(إذا فقدت) وقد كان أوصى به يوشع عليه الصَّلاة والسَّلام ولم يكن نبيًا بعد.
({وَمَآ أَنْسَانِيهُ}) نسبة النسيان إلى الشيطان كنسبة التثاؤب إليه، فهذه من الأمور الطبيعية نسبت إليه لمناسبة بينهما وبين الشيطان. وقد ثبت النسيان خمس أو أربع مرات عن النبي صلى الله عليه وسلّم أيضًا. فدلَّ على أن النسيان لا يكون عن تسلط الشيطان دائمًا. ونسيان يوشع عليه السلام أيضًا من هذا القبيل، وإنما نسب إليه لما بينا، على أنه لا دليل على أنه كان نبيًا إذ ذاك، نعم لو ثبت كونه نبيًا لأشكل النسيان من جهة الشيطان ولكن إذا قلنا إنه من الأمور الطبيعية لم يرد شيء.
(فوجدا خَضِرًا) عند مسقط الفرات في خليج فارس في العراق كذا قيل. قلت: والصحيح عند «أيلة» ويقال لها الآن «العقبة» في الجانب الغربي في الشام، وصَحَّف بعضُهُم فكتب أبله وهو غلط. ولعل لقاءه خَضِرًا في مدة إقامته بسيناء بعد العبور عن البحر.
أما البحث في أن خضرًا كان نبيًا أم لا فلا أحب أن أقتحم فيه، غير أنه كان حاملًا