للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٢٢٣ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْمَلَائِكَةُ يَتَعَاقَبُونَ، مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِى صَلَاةِ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ وَهْوَ أَعْلَمُ، فَيَقُولُ كَيْفَ تَرَكْتُمْ {عِبَادِى} فَيَقُولُونَ تَرَكْنَاهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ يُصَلُّونَ». أطرافه ٥٥٥، ٧٤٢٩، ٧٤٨٦ تحفة ١٣٧٣٧

واختلفوا (١) في اشتقاقه، فقيل: من الألوكة، وقيل: من لئك. والمختار عندي أنه من المِلْكِ، بمعنى الولاية، وهو جمع مَلِيك لا مَلَك، فهو على وزن فَعَائِلَة عندي، وعندهم على وزن مَعَافِلَة، والتاء للنقل من الاسميَّة إلى الوصفيَّة. والملائكةُ أجسامٌ لطيفةٌ سريعةُ الحركة، تتشكَّلُ بأشكالٍ مختلفةٍ، وعند الصوفية: من عالم المِثَال. وراجع له «شرح السلم لبحر العلوم»، وقد مرَّت نبذةٌ منه في المقدمة.

وقد مرَّ: أن علماء الشريعة أيضًا صرَّحُوا بكونهم أرواحًا لطيفةً، كما صرَّحوا بكون الشياطين أرواحًا خبيثةً.

قوله: (وقال ابن عَبَّاسٍ: {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ}. المَلَائِكَةُ)، فالصفُّ من خواصِّ نوعهم، وأمَّا الإِنْسُ، فهم فيه تَبَعَ لهم. ومن ههنا ظَهَرَ معنى الحصر. وهذا هو معنى التشبيه في قوله صلى الله عليه وسلّم «أَلَا تَصُفُّون كما تَصُفُّ الملائكةُ عند ربهم»، فهم أصلٌ في الاصطفاف.

٣٢٠٧ - قوله: (بين النَّائِمِ واليَقْظَانِ) واعلم أن هذا حالٌ في الأنبياء عليهم السلام، يُشْبِهُ الكشفَ في الأولياء، وأنهم يَرَوْن في هذا الحالِ يقظةً ما نراه في الرؤيا، ويعبِّرُ عن هذا الحالِ بين النوم واليقظة، فافهم.

قوله: (فَأَتَيْتُ عَلَى عِيسَى - عليه الصلاة والسلام) ... إلخ، وصرَّح الشيخُ الأكبرُ: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يَلْقَ أحدًا منهم بسجده الناسوتي غير عيسى عليه الصلاة والسلام. ولا بُدَّ عندي أن يكونَ فيه عند الرفع تروُّحٌ، كما صرَّح به مولانا الرومي: أن الأرواحَ في عالم المثال تتجسَّد، والأجسادَ تتروَّحُ.

قوله: ({وَالْبَيْتِ (٢) الْمَعْمُورِ}) قيل: إنه بَيْتٌ حِذَاءَ الكعبة على كلِّ سماءٍ، والأرجحُ أنه على السماء السابعة، وهو قِبْلَةٌ للملائكة على السموات (٣).


(١) تكلَّم فيه الحافظ في "الفتح"، والشيخ في "عمدة القاري".
(٢) قال الحافظُ بعدما بَسَطَ الروايات فيه: إنه في السماء الرابعة، وبه جَزَمَ شيخنا في "القاموس". وقيل: هو في السماء السادسة. وقيل: هو تحت العرش. وقيل: إنه بناه آدم لمَّا أُهْبِطَ إلى الأرض، ثم رُفِعَ زمن الطوفان، وقال: إن أكثرَ الروايات أنه في السماء السابعة. اهـ.
(٣) يقول العبدُ الضعيفُ: وكونه حِذَاءَ البيتِ يُؤَيِّدُ نظر الحنفية: أن البيتَ هو القضاء، دون البناء.

<<  <  ج: ص:  >  >>