(٢) وقد ذكر الحافظُ في موافقة أهل الكتاب نكتة أخرى، قال: لأنَّ أهلَ الكتاب في زمانه كانوا متمسِّكين ببقايا من شرائع الرسل، فكانت موافقتهم أحبَّ إليه من موافقة عُبَّاد الأوثان، فلمَّا أَسْلَمَ غالب عُبَّادِ الأوثان، أحبَّ صلى الله عليه وسلم حينئذٍ مخالفةَ أهلِ الكتاب. اهـ. وذكر عليّ القاري في الصيام مجيبًا عن موافقته في صوم عاشوراء، أنه قيل في جوابه: إن المخالفةَ مطلوبةٌ، فيما أخطأوا فيه، كما في يوم السبت، لا في كلِّ أمرٍ. ثم قال: والأظهرُ في الجواب: أنه صلى الله عليه وسلم أول الهجرة لم يَكُنْ مأمورًا بالمخالفة، بل يتألَّفهم في كثيرٍ من الأمور، ومنها أمر القبلة. ثم لما ثَبَتَ عليهم الحُجَّة، ولم ينفعهم الملاءمة، وظَهَرَ منهم الفساد والمكابرة، اختار مخالفتهم، وترك موافقتهم. اهـ. وأنت قد عَلِمْتَ أن أمرَ القبلة على مختار الشيخ ليس من الموافقة في شيء، بل كان على تقسيم البلاد، وإن حَصَلَتِ الموافقة تبعًا.