للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (وثَوَابِ الصِّدْقِ الذي أَتَانَا اللَّهُ بَعْدَ يَوْمِ بَدْرٍ) المراد منها بَعْدِيَّة متراخية، أو بدر الصُّغْرَى.

٣٦٢٣ - قوله: (حَدَّثَنا أَبو نُعَيْمٍ ... عن عَائِشَةَ) ... إلخ، وفيه زيادةٌ في «معجم الطبراني» بهذا الإِسناد: «أن كلَّ نبيَ عاش نصف عمر الذي قبله، وأن عيسى عليه الصلاة والسلام عاش مئة وعشرين، فلا أُرَاني ذاهبًا إلَاّ على رأس ستين». وهذا مُشْكِلٌ، فإنه لا يَسْتَقِيمُ بحسب أعمار الأنبياء عليهم السلام. والمرادُ عندي أنه باعتبار (١) أُولي العزم من الأنبياء عليهم السلام الذي دُوِّن التاريخ بهم. وأمَّا عمر عيسى عليه الصلاة والسلام، فتفصيلُه: أنه رُفِعَ وهو ابن ثمانين سنة، ويَمْكُثُ في الأرض بعد نزوله أربعين سنة. وأمَّا «سبع سنين» عند مسلم، فهي عمره مع المهدي عليه السلام، فتلك مئة وعشرون.

٣٦٢٧ - قوله: (فَقَالَ: أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم)، وليس هذا من باب المجاز، ولا من باب الكِنَاية، فإنه لا دلالةَ عليه بسورة الفتح من حيث اللغة، ولا غيرها. نعم ذلك من مقاصد السورة وأغراضِها، فقام من ذلك أصلٌ عظيمٌ لبيان معنى القرآن: أنه يَصِحُّ بهذا الطريق، مع عدم كونه حقيقةً، ولا مجازًا، ولا كنايةً، وإنما هو من مراميها البعيدةِ، يَفْهَمُهَا رجلٌ أُوتِي فَهْمًا، ورُزِقَ علمًا من عند الله.

فهكذا يُمْكِنُ أن يكونَ موتُ عيسى عليه الصلاة والسلام أيضًا من المرامى البعيدة للفظ التوفِّي. وإلَاّ فاللفظُ لا دلالةَ له عليه، وإنما يُفْهَمُ منه معنى الموت على حدِّ الإِيماء والإِشارة، مع كون الغرضِ هو الاستيفاء. نعم بعد استيفاء الأجل ليس إلَاّ الموت، فَيُمْكِنُ أن يكونَ مفهومًا بهذا الطريق.

٣٦٢٨ - قوله: (حَدَّثَنَا أبو نُعَيْمٍ ... ، عن ابن عبَّاس، قال: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم في مَرَضِهِ الذي مَاتَ فِيهِ بِمِلْحَفَةٍ، وقَدْ عَصَّبَ رأسه بِعصَابَةٍ دَسْمَاءَ، حَتَّى جَلَسَ عَلَى المِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثم قال: أَمَّا بَعْدُ) ... إلخ، وهذا خروجُه يوم الخميس. وأنكره الحافظُ، وادَّعَيْتُ إثباته فيما مرَّ.

٣٦٣٣ - قوله: (فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًا)، أي شخصًا معظَّمًا. والفَرِيُّ: أصلُه: قَدُّ السَّيْرُ بين إصْبَعَيْنِ، ولا يأتي إلَاّ من الماهر، فإنه يخاف فيه جرح الإِصْبَع، وقد يُشْكِلُ قدُّه مستقيمًا، فقد تَنْحَرِفُ الآلة، فَيَدِقُّ السَّيْرُ من بعض المواضع. ويَغْلُظ في بعضٍ، ولذا يُرَادُ به الماهر في فنِّه.


(١) يقول العبدُ الضعيفُ: وهذا عندي كقوله صلى الله عليه وسلم: "أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يتجاوز ذلك"، فكما أن كثيرًا منهم لا يَبْلُغُون إلى الستين، وبعضُهم يتجاوز عن السبعين، هكذا فَلْيُقَسْ عليه حال أعمار الأنبياء عليهم السلام، ولا ضيقَ فيه. وإنما الضيقُ على من يَذْهَلُ عن طريق الخطاب في مجاري المخاطبات، ويَحْمِلُ المباراتِ كلَّها على الطرد، والعكس عند أهل العقول.

<<  <  ج: ص:  >  >>