١١٢ - (قوله: ولا تحل لأحد بعدي) وهذا تكوينٌ ولا يخالفُ تسلط الكفارِ على مكة في زمان، لما في «الجامع الصغير»: أن مكةَ لا يُحِلها أحد حتى يُحلِها أهلها.
قوله:(ولا تلتقط) وإنما عَدَلَ إلى المجهول لكونِهِ أبلغَ من المعروف ههنا، لدَلالته على انتفاء الفعل رأسًا. وهو حكم لُقطَةِ الحرم عند الشافعي رحمه الله تعالى، أي من التقطها يجبُ عليه التعريف دائمًا لقوله:«إلا لمنشد». وعندنا حكمُها حكمُ سائر اللقطات. وإنما خصَّها بالذكر للاعتناء بشأنها، لأنه يمكن أن يفهمَ ناظرٌ عدم الإنشاد فيها، فإنه محل مجتمعُ فيه الناس من كل فجٍ عميقٍ، فلعله لا يظهر فيه للإنشاد كثيرُ فائدة لرجوع الناس إلى أوطانهم. فقال إن فيها الإنشاد أيضًا.
قوله:(فمن قُتِل) يعني أن المسألةَ بعد اليوم تكونُ كذلك، كما هو صريح عند الترمذي وقد مر وإنما سامح في هذه الواقعة لما مر من قبل.
قوله:(إما أن يقاد من أقاد) بمعنى قصاص دلوانا ويقاد يعنى قصاص دلوائى جائين وبظاهره أخذ الشافعي رحمه الله تعالى. وموجِبُ القتلُ عنده على التخيير: إما القصاص، وإما الدِّية. وعندنا: موجبُ العمد هو القصاص فقط. وإنما يُرجع إلى الدِّية بالمراضاة، فلو عفا الأولياء عن القِصاص أو سكتوا ثم طالبوا الدِّية بعد بُرهة ليس لهم شيء، وإنما عليهم ذِكْرُ مالِ الصلح في المجلس.
قلت: والحديثُ صادقٌ على مذهبنا أيضًا فإنه جاز له أن يقتصَّ منه وأن يأخذ الدِّية عندنا أيضًا، وإنما لم يذكر رضا القاتل لأن رضا القاتل ببذل المال عن نفسه أمر بديهي والعسر إن كان ففي رضا أولياء المقتول على الدية فإنهم يأخذون المال بدل النفس. ومعلوم أنَّ النَّفْسَ أعز. ولذا لم يذكر شرط الرضا في القاتل، وإنما لا أدخل في هذا الباب لأنه من باب التفقه. ثم