للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حديث مسلم: «أن أبا سَلَمَةَ سأل عائشةَ عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلّم، غير أن في حديثهما: تسع ركعاتٍ قائمًا، يُوتِرُ منهنَّ اهـ. أنه على نظر الحنفية ستٌ، وثلاثٌ، وراجع له هامش رسالتي «كشف الستر» من الآخر.

قوله: (في غَزْوَةِ السَّابِعَةِ)، تكلَّموا في معناه: أن السابعةَ هي الغزوةُ، ففيه إضافةُ الشيء إلى نفسه.

أو المرادُ: الغزوةُ التي في السنة الرابعة. فمال الحافظُ (١) إلى الأوَّل، وعلى الثاني، ففيه دليلٌ للبخاريِّ صراحةً، بخلاف الأوَّل، فإنه لا يَلْزَمُ من كونها سابعةً أن تكونَ بعد خَيْبَرَ أيضًا، فإن كان فباللُّزُومِ.

قوله: (وقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: صَلَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلّم الخَوْفَ بِذِي قَرَدٍ) وذُو قَرَدٍ اسمُ ماءٍ، وهو وإن كان غير ذات الرِّقاع، إلَّا أن غرضَ المصنِّف أنها كلَّها مواضعُ متقاربةٌ، فكلُّها في سفر ذات الرِّقاع. ولما كان ذاتُ قَرَدٍ قُبَيْل خَيْبَرَ بثلاثِ، كما صرَّح به البخاريُّ في ترجمته، وهو عند مسلم أيضًا، وغزوةُ خَيْبَرَ في السابعة، لَزِمَ أن تكونَ غزوة ذات الرِّقاع أيضًا في السابعة، وهو المطلوبُ.

٤١٢٦ - قوله: (عَنْ أبي مُوسَى أَنَّ جَابِرًا حَدَّثَهُمْ: صلَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلّم) ... إلخ، وليس أبو موسى هذا هو الأشعريُّ، بل هو راوٍ آخرُ. ولمَّا كان في ذهنه أن السَّفَرَ لم يكن إلى هذا السَّمْتِ إلَّا واحدًا، وقد جاء التصريحُ عن أبي موسى: أن هذه الواقعة كانت بعد خَيْبَرَ، رَكِبَ في ذهنه أن الواقعةَ في كلِّها هي واقعةٌ ذات الرِّقاع، وتلك كلُّها أجزاؤها، وقطعاتها. وللقائل أن لا يسلِّمَ اتحاد السفر، بل يقول: إنه سافر إلى تلك المواضع أيضًا مستقلاًّ، فلا يكون فيه حُجَّةٌ للصِّنف أصلًا.


(١) قال الحافظُ: غزوة السابعة، هي من إضافة الشيء إلى نفسه على رأي، أو فيه حذفٌ، تقديره: غزوة السفرة السابعة. وقال الكرْمَانيُّ، وغيره: السنة السابعة، أي من الهجرة. قلتُ: وفي هذا التقدير نظرٌ، إذ لو كان مرادًا، لكان هذا نصًّا في أن غزوةَ ذات الرِّقاع تأخَّرت بعد خَيْبَرَ، ولم يحتجِ المصنِّفُ إلى تكلُّفِ الاستدلال لذلك بقصة أبي موسى، وغير ذلك، ممَّا ذَكَرَهُ في الباب.
نعم في التنصيص على أنها سابع غزوة من غزوات النبي صلى الله عليه وسلم تأييدٌ لِمَا ذَهبَ إليه البخاريُّ، من أنها كانت بعد خَيْبَرَ. فإنه إن كان المرادُ الغزوات الي خَرَجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلَّم فيها بنفسه مطلقًا، وإن لم يُقَاتِلْ، فإنَّ السابعةَ منها تَقَعُ قبل أُحُدٍ، ولم يَذهَبْ أحدٌ إلى أن ذاتَ الرِّقَاعِ قبل أُحُدٍ، إلَّا ما تقدَّم من تردُّد موسى بن عُقْبَة، وفيه نظرٌ، لأنهم متَّفِقُون على أن صلاةَ الخوف متأخِّرةٌ عن غزوة الخَنْدَقِ، فتعيَّن أن تكونَ ذات الرِّقاع بعد بني قُرَيْظَة، فتعيَّن أن المرادَ: الغزوات التي وَقَعَ فيها القتال، والأُولى: منها بدرٌ، والثانية: أحدٌ، والثالثة: الخَنْدَقُ، والرابعة: فرَيْظَة، والخامسة: المرَيسِيع، والسادسة: خَيبَرُ، فَيَلْزَمُ من هذا أن تكونَ ذات الرِّقاع بعد خَيبَرَ، للتنصيص على أنها السابعة.
فالمرادُ تاريخ الواقعة، لا عدد المغازي، وهذه العبارةُ أقربُ إلى إرادة السَّنة من العبارة التي وقعت عند أحمد، بلفظ: "وكانت صلاة الخوف في السابعة"، فإنه يصحُّ أن يكونَ التقدير في الغزوة السابعة. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>