للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (احْبِسْ أَبَا سُفْيَانَ عِنْدَ حَطْمِ الخَيْلِ (١)) - يعني: "جهان كهورون كى بهير هووهان كهرا كرو".

قوله: (كَتِيبةً كَتِيبةً): "دسته دسته"، ثم جاءت كَتِيبَةٌ، وهي أقلُّ الكتائب، فيهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم وأصحابُه. وإنَّما جَعَلَ نفسه في أقلِّها هَضْمًا لنفسه، وتجنُّبًا عن صورة التجبُّر والخيلاء، وتخشُّعًا عند ربه. وفي الروايات: «أنه لمَّا دنى من مكَّة طأطأ رأسه حتَّى أَلْزَقَهُ بعنق ناقته، وصار كهيئة الراكع والساجد، فدخل مكَّة هكذا، متذلِّلًا متواضعًا، طالبًا للنُّصْرَةِ من القويِّ العزيز، مسبِّحًا مهلِّلًا، داعيًا وهو الذي كان فَعَلَهُ عند مروره بديار ثمود.

فتلك أنبياءُ اللَّهِ تعالى عليهم الصلاة والسَّلام، هم أعرفُ بآداب العُبُودِيَّةِ يَجْأَرُون إلى الله في جملة أمورهم، يَذْكُرُون الله في جملة أحوالهم، في الهزيمة والنصر سواء. حتَّى رَأَيْتُ عالمًا نصرانيًا قد أقرَّ في كتابٍ له: أن ما من دينٍ سماويَ يكون فيه ذكر الله أكثر من دين محمّد صلى الله عليه وسلّم فإنه لا تَخْلُو صفحةٌ من القرآن إلَّا وفيها اسم الله، بنحوٍ من الأنحاء، بخلاف سائر الكتب. وقد عُرِفَ من أمره صلى الله عليه وسلّم أنه كان يَذْكُرُ اللَّهَ في كلِّ أحيانه، وقد عَلِمْتَ شَرْحَهُ.

قوله: (حَبَّذَا (٢) يَوْمُ الذِّمَارِ) وهذا من، ألفاظ العَجُز، يعني: "كيا اجها هى دن بناه كا" ثم إن الحَجُون، والمُحَصَّب، والأَبْطَح، وخَيْف بني كِنانة، كلَّها اسمُ موضعٍ واحدٍ.

قوله: (ودَخَلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم من كُدَا) ويقولُ راوٍ آخرَ: إنه دَخَلَ من كَدَاء: أعلى مكَّةَ، وهو الصوابُ عندي، وراجع الهامش.

٤٢٨٦ - قوله: (ابْنُ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الكَعْبَةِ)، وكان الشَّقيُّ، من الستة الذين كانوا يَسْتَهْزِئُونَ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلّم.

قوله: (ولَمْ يَكُنِ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم فيما نُرَى - والله أعلم - يَوْمَئِذٍ مُحْرِمًا) فيه إشارةٌ إلى أن دخولَ مكَّةَ بدون إحرامٍ لم يَكُنْ جائزًا عندهم أيضًا، وهو مذهبُ الحنفية.

٤٢٨٧ - قوله: (فَجَعَلَ يَطْعُنُهَا بِعُودٍ في يَدِهِ) وفي السِّيَرِ (٣): أن تلك التصاوير


(١) واضْطَرَبتْ النُّسَخُ فيه، ومعناها على ما في الكتاب: أن يَحْبِسَهُ في الموضع المتضايق الذي يتحطَّمُ فيه الخيل، أي يَدُوسُ بعضُها بعضًا، إلخ. وراجع التفصيل من "عمدة القاري".
(٢) قال الخطَّابيُّ: تمنَّى أبو سفيان أن يكونَ له يدٌ، فيحمي قومه، ويَدْفَعُ عنهم. وقيل: المرادُ هذا يوم يَلْزَمُكَ فيه حفظي، وحمايتي من أن يَنَالُني مكروهٌ. وفيه شروح أخرى بَسَطَهَا العينيُّ.
(٣) قال الحافظ: والذي يَظْهَرُ أنه مَحَا ما كان من الصور مَدْهُونًا مثلًا، وأخرج ما كان مَخْرُوطًا. اهـ "فتح الباري"، وذَكَرَهُ العينيُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>