للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أم سليم فكان صداق ما بينهما الإسلام، أسلمت أم سليم قبل أبي طلحة، فخطبها، فقالت: إني قد أسلمت، فإن أسلمت نكحتك، فأسلم، فكان صداق ما بينهما، اهـ. فهل يقول أحد بكون الإسلام صداقًا.

قوله: (وفي أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل) اسمه قزبان.

قوله: (ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلان الخ)، وكان شيخنا يضحك من هذا اللفظ، ويقول: الإجزاء ههنا، كالإجزاء عند الدارقطني في قوله: "لا تجزىء صلاة من لم يقرأ بأم القرآن، وزعمه الشافعية أصرح حجة على أن -لا- في قوله: "لا صلاة لمن لم يقرأ" إلخ، لنفي الأصل، لا لنفي الكمال، قلت: كيف يسوغ للحنفية أن يحملوا فيه الإجزاء أيضًا على نفي الكمال؟! كما في هذا الحديث، فإن نفي الإجزاء فيه ليس إلا على نفي الكمال.

قوله: (إن الرجل ليعمل) إلخ، جاء فيه بأنواع التأكيد كلها: إن ولام التأكيد، والمضارع للاستمرار التجددي، ففيه استغراق بليغ، وحينئذ يشكل أن كل من كان على هذه الصفة كيف يكون من أهل النار؟! فما معنى الاستغراق؟ قلت: تقديم المسند إليه قد يكون للندرة أيضًا، كما في قوله: إن الكذوب قد يصدق، وكذا في قوله: الشهر يكون تسعًا وعشرين، أي قد يكون، ومن هذا الباب قوله: إن الرجل ليعمل، إلخ، وإن الله ليؤيد دينه بالرجل الفاجر، فإذن لا إشكال في ندرته، ذكره عبد القاهر من فوائد تقديم المسند إليه، فرجعه.

قوله: (فوضع سيفه بالأرض، وذبابه بين ثدييه) وفي رواية أنه استعجل موته بسهمه.

قوله: (أربعوا على أنفسكم، أنكم لا تدعون أصم، ولا غائبًا) ليس فيه النهي عن الجهر، بل فيه كونه لغوًا، لأن الذي تدعونه أقرب إليكم من حبل الوريد، فلا تلقوا أنفسكم في العناء، ففيه إجزاء السر، لا النهي عن الجهر، وفي -البزازية والخيرية-، أن رفع الصوت بالذكر جائز، ولعلهم رفعوا أصواتهم، لأنهم علموا من قبل أن السنة عند الصعود الرفع، وعند النزول الخفض، ولكنهم لما بالغوا فيه نهاهم عنه.

ثم اعلم أنه أشكل عليه قوله تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} فإن المأمور به فيه آخر، هو المنهى عنه أولًا. فإن الجهر فقهًا هو أن تسمع من كان قريبًا منك، والمخافتة أن تسمع نفسك فقط، فما الابتغاء بين السبيلين، فإنه لا يكون إلا جهرًا. فحمله بعض على التوزيع، أي لا تجهر بصلاتك في السرية. ولا تخافت بها في الجهرية، والوجه عندي أن


= التعظيم للقرآن، كما روى أنس بن مالك: زوج أم سليم أبا طلحة على إسلامه، وسكت عن المهر، لأنه معلوم أنه لا بد منه، وجوز الشافعي، وأصحابه أن يكون تعليم القرآن، وسورة منه مهرًا، فإن طلق قبل الدخول يرجع بنصف أجر التعليم في رواية المزني، وقال الربيع، والبويطي: بنصف مهر مثلها لأن تعليم النصف لا يوقف على حده، فإن وقف عليه جعل امرأة تعلمها، وأكثر أهل العلم لا يجيزون ما قاله الشافعي، ودعوى التعليم على الحديث دعوى باطل لا تصح، اهـ.
قلت: ومن ألفاظه عند النسائي، فإن تسلم فذاك مهري، لا أسألك غيره، فأسلم، فكان ذلك مهرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>