للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَجِبُ أن يكون على تخريج المعروف. وفي خاتمة «المفتاح» عند بيان الوصايا: أن رجلًا سأل عليًّا على جنازة رجلٍ: من المتوفِّي؟ - على صيغة اسم الفاعل - فقال له عليّ: الله تعالى، أي توفَّاه اللَّهُ تعالى. كأنَّه أصلحه، فإنه لم يُحْسِنْ في السؤال. وإنَّما كان ينبغي له أن يقولَ: المتوفَّى - على صيغة اسم المفعول -.

ثم إن قراءةَ عليّ في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} [البقرة: ٢٣٤] {يُتَوَفَّوْنَ} معروفًا؛ قلتُ: وهذا يقتضي أن يَصِحَّ إطلاقُ المتوفى المعروف أيضًا.

٤٤٣٣، ٤٤٣٤ - قوله: (فَضَحِكَتْ) وفي تلك (١) الرواية: «أنه ما من نبيَ إلَّا وعمره نصف عمر الذي قبله»، أو كما قال. وأخطأ الحافظُ ابن القيم في فَهْم مراده، وكذا السيوطي. فَرَجَعَ عنه في «مرقاة الصعود» وليس بصوابٍ أيضًا. والصوابُ على ما مرَّ منِّي أنه رُفِعَ وهو ابن ثمانين سنة. ومَنْ رَوَى أنه رُفِعَ وهو ابن ثلاث وثلاثين، فكأنَّه قَصَدَ معنًى آخر، وهو أن ذلك عمر أهل الجنة، والمرادُ منه بقاؤهم، ودوامُهم على تلك الحال، فَأَرَادَ أنه رُفِعَ وهو على سنِّ أهل الجنَّةِ. بمعنى: أنه لا يخلِّقه مرور الدهور، ومضي الأزمنة، فَيَبْقَى على حالٍ واحدٍ، نحو بقائهم لا تَبْلَى ثيابُهم، ولا يَفْنَى شبابُهم. وذلك لكونه في موطنٍ ليست فيه تلك التغيرات، ومن يَسْكُنْ فيها يَصِيرُ كأهل الجنة على ثلاث وثلاثين سنة، شابًا عبقريًا. فَيَنْزِلُ عليه الصَّلاة والسَّلام كما رُفِعَ، لم يَمَسَّهُ نَصَبٌ ولا وَصَبٌ، يَقْطُرُ رأسه ماءً، لأنه رُفِعَ وكان قد اغتسل، فَيَنْزِلُ كما أنه خَرَجَ من الحمَّام الآن. فبقاؤُه على سمات أهل الجنة هو الذي أراده من أراده، فليفهم. {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ}.

٤٤٣٥ - قوله: (لا يَمُوتُ نبيٌّ حتَّى يُخَيَّرَ) نادت الأحاديثُ بتخير الأنبياءِ عليهم السَّلام، وقد كان موسى عليه الصلاة والسلام خُيِّر أن يَضَعَ يده على متن الثور، ليكونَ عمره بقدر ما سَتَرَتْهُ يده. فلو فَعَلَهُ ماذا كان عمره. ونادى القرآنُ بأنَّ نوحًا عليه الصلاة والسَّلام لَبِثَ في قومه ألفًا إلَّا خمسين عامًا. ثم هذا الشقيُّ الغنيُّ الغويُّ يَسْخَرُ بطول حياة عيسى عليه الصلاة والسَّلام، كأنَّه لم يَكُنْ عند اللعين للتخيير، ووضع اليد معنى، وكان هُزْءًا محضًا، ما أكفره.

٤٤٣٥ - قوله: (وأَخَذَتْهُ بُحَّةٌ): أي سُعَال.

قوله: (نَفَثَ على نَفْسِهِ بالمُعَوِّذَاتِ) والثالثةُ: سورة الإِخلاص.


(١) قلتُ: وقد كنتُ ألَّفْتُ في تلك الرواية وما يتعلَّق بها رسالة مستقلَّةٌ بأمر الشيخ قُدِّسَ سرُّه. وجَمَعْتُ فيها جملةَ ما سَمِعْتُ منه مما يتعلَّق بعمر عيسى عليه الصلاة والسلام. وقد طُبِعَتْ، وشاعت، غير أنها عزيزةٌ اليوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>