(٢) وقال ابنُ رُشْد أيضًا نحوه. وأما الموضع الثاني: فإِنَّ مالِكًا ذهب إلى أن المُطلِّقَ ثلاثًا بِلَفْظٍ واحدٍ، مُطلِّقٌ لغير سُنَّة. وذهب الشافعيُّ إلى أنه مُطلق للسُّنّة. وسبب الاختلافِ معارضةُ إقرارِه عليه الصلاة والسلام للمطلِّق بين يديه ثلاثًا في لفظةٍ واحدةٍ، لمفهوم الكتاب في حُكْم الطَّلْقة الثالثة؛ والحديث الذي احتجَّ به الشافعيُّ هو ما ثبت مِن أن العَجْلاني طَلَّق زوجته ثلاثًا بحضرةِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد الفراغ من المُلاعنة، قال: فلو كان بِدْعة لما أقرَّه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -. وأما مالِكٌ فلما رأى أنَّ المطلِّق بِلَفْظ الثَّلاث، رَافِعُ للرُّخْصة التي جعلها الله في العدد، قال فيه: إنه ليس للسُّنّة. واعتذر أصحابُه عن الحديث، بأن المتلاعِنَين عنده، قد وقعت الفُرْقة بينهما مِن قبل التلاعن نفسه، فوقع الطلاقُ على غير مَحلِّه، فلم يَتَّصِف لا بِسُنَّة ولا بِبِدْعة. وقولُ مالك - والله أَعْلم - أظهرُ ههنا من قول الشافعي. اهـ "بداية المجتهد" من الباب الثاني، في معرفة الطلاق السُّنِّي من البِدْعي - ص ٥٦ - ج ٢: وأما بعدها فليس له إلَّا أنْ يرفع أَمره إلى القاضي. وظاهرُ عبارة النوويّ أنه يجوز له قَتْلُه، ولو بعد الخروج عن الزِّنا بِزَمن، فَلْيحرَّر المذاهب. وقد مر معنا عن الشيخ العَيْني في شَرْح حديث: "مَنْ قتل دون ماله، فهو شهيدٌ"، أنه يجوز له قَتْل السارق بعد الخروج عن دارِه أيضًا، فلينظر فيه.