قوله:(ليراجعها، ثُم يمسكها) وهذا صريحٌ في أن تطليقَ (١) ابنِ عمر امرأتَه في الحيض اعتُبر طَلاقًا، مع كونه بدعةً، فكيف يقول ابنُ تيميةَ ما يقول؟ وقد مَرّ، ثُم الرجوع عنه واجِبٌ، كما في «الهداية»، وهو ظاهر الحديث، وقيل: مستحبُّ، والأَوّل أرجح.
٤٩٠٨ - قوله:(حتى تَطْهُرَ، ثُم تحيض) ... إلخ. وللرواة فيه اختلافُ، وهو الوجهان للحنفية، فقيل: إنّه يُطلِّقها في الطُّهر الذي بعد الحَيْضة الأُولى، كما عند أبي داود، وقيل: بل ينبغي له أن يُمْهِلَها حتى تمضِي حيضتان، ثُم يُطَلِّقها في الطُّهر الذي
(١) قال ابن رشد: أما المسألة الأُولى: فإِن الجمهور إنما صاروا إلى أن الطلاق إن وقع في الحيض اعتد به وكان طلاقًا، لقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن عمر: مُره فليراجِعْها. قالوا: والرَّجعة لا تكون إلَّا بعد طلاق. ورَوى الشافعيُّ عن مسلم بن خالد عن ابن جُرَيج أنهم أرسلوا إلى نافع يسألونه: هل حسبت تطليقة ابن عمرَ على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم. ورُوي أنه الذي كان يُفْتي به ابنُ عمرَ، وأما مَنْ لم ير هذا الطلاقَ واقِعًا، فإِنه اعتمد عمومَ قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كلّ - فعل أو - عمل ليس عليه أمرنا، فهو ردٌّ". وقالوا: أَمْرُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بِرَدّه يُشْعر بعدمِ نفوذه، ووقوعه؛ وبالجملةِ فسببُ الاختلاف، هل الشروط التي اشترطها الشَّرْع في الطلاق السُّنّي هي شروطُ صحةٍ وإجزاء، أم شروط كمال وتمام؟ فَمَن قال: شروط إجزاء، قال: لا يقع الطلاق الذي عُدِم هذه الصفة، ومَنْ قال: شروط كمال وتمام، قال: يقع. ويُنْدب إلى أنْ يقعَ كامِلًا، ولذلك مَنْ قال بوقوع الطلاق وجبره على الرجعة، فقد تناقض، فتدبر ذلك. اهـ: "بداية المجتهد".