وفي "الاستذكار": لم يختلف عن مالك أنه إن عَمّم لا يلزمه، وإنْ سَمى امرأة أو أرضًا، أو قبيلة لَزِمه، وبه قال ابن أبي لَيلى، والحسن بن صالح، والنَّخَعي، والشَّعبي، والأَوزاعي، والليث؛ ورُوي عن الثَّوري، وخَرّج وكيع عن الأسود: أنه طَلّق امرأة؛ إن تزوجها، فسأل ابنَ مسعود، فقال: أعلمها بالطلاقِ ثُم تزوّجها. يعني أنه كان قد تزوجها، إذ سأل ابن مسعود فأجابه بهذا، وتكون عنده على اثنين إن تزوجها؛ ورُوي عنه فيمن قال: إنْ تزوجت فلانة، فهي طالق، أنه كما قال. وقال ابنُ أبي شَيبةَ: حدثنا عبدُ الله بن نُمير، وأبو أسامة عن يحيى بن سعيد، قال: كان القاسم، وسالم، وعمرُ بنُ عبد العزيز يَرَوْن الطلاقَ جائزًا عليه إذا عيّن. قال: وحدثنا أبو أسامة عن عمر بن حمزة أنه سأل القاسم بن محمد، وسالمًا، وأبا بكر بن عبد الرحمن، وأبا بكر بن محمد بن عمرو بن حَزم، وعبد الله بن عبد الرحمن عن رجل، قال: يومَ أتزوّج فلانة فهي طالق، قال: فهي طالق. وقال أيضًا: حدثنا إسماعيل بن عُلَية عن عبد الله، قلت لسالم بن عبد الله: رجلُ قال: وكل امرأة يتزوّجها فهي طالق، وكلّ جارية يشتريها فهي حرة، فقال: أما أنا فلو كنت، لم أَنْكِح، ولم أشتر. ثم ذكر البيهقي عن ابن عباس أنه استدل على عدم الوقوع بقوله تعالى: {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} [الأحزاب: ٤٩]، قلت: الآية دَلت على أنه إذا وُجِد النكاح، ثم طَلّق قبل المسيس، فلا عِدة، ولم تتعرض الآية لصورة النزاع أصلًا، اهـ "الجَوهر النقي". قال الشيخ في درس الترمذي: مَنْ فَرق بين المُعينة وغيرها، والمضافة إلى بلدة وغيرها، فكأنه أَراد أنَّ مَن أطلق في التعليق ولم يقيده بقيد، فقد حَجَر النِّكاح على نَفْسه مُطلقًا، فينبغي أن لا يُعْتبر بقوله، أما مَن خَصّص بوقت، أو بلدةٍ، فلا بأس أن نعْمل قوله، فاِن فيه إعمالًا لقوله مع عدم حَجْر الئكاح على نفسه. ثم وجدته في "بداية المجتهد" قال: وأما الفَرق بين التعميم والتخصيص فاستحسانٌ مَبني على المصلحة، وذلك أنه إذا عَمّم فأوجبنا عليه التعميم، لم يجد سبيلًا إلى النِّكاح الحلال، فكان ذلك عنَتًا به، وحَرَجًا، وكأنه من باب نَذر المعصية؛ وأما إذا خَصص، فليس الأمر كذلك إذا ألزمناه الطلاق. اهـ. (١) أخرج مالك عن سعيد بن عَمْرو بن سُليم الزُّرقي أنه سأل القاسم بن محمد عن رَجُل طَلّق امرأة إنْ هو تَزوّجها، قال: فقال القاسم بن محمد: إنّ رجلًا جعل امرأةً عليه كظهر أُمه إنْ هو تزوّجها، فأمره عمرُ بنُ الخَطّاب إنْ هو تزوّجها، لا يقربها حتى يُكفِّر كفارةَ المتظاهر. اهـ. ثُم رأيت أن الشيخ ابنَ الهُمام أيضًا قد تَمسّك به، وقال: فقد صرح عمرُ بصحةِ تعليقِ الظهار بالملك، ولم ينكر عليه أحد، فكان إجماعًا. كذا في "فتح القدير"؛ قلتُ: وقد عَلِمت أنه سبقه أبو عمر، فذكره في "الاستذكار" كما نقله العلامة المارديني في "الجَوْهر النقي"، وقد رأيت نَصّه آنِفًا.