وللشافعي في حيوانات البحر استرسال عظيم (١). حتى رُوي عنه أنَّ جميع ما في البحر حلالٌ، حتى الإِنسان أيضًا. وفي روايته نظائر ما هو حلال في البر، حلال في البحر أيضًا، وما لا يوجد نظيرُه من البر، فهو حلال أيضًا. وظني أنهم تمسكوا فيه بالعمومات غير المقصودة لا غير. والمراد من صيد البحر عندهم مَصِيْد البحر.
قال الحنفية: إن المراد منه فعلُ الاصطياد، لأن المُحرمَ لما مُنع عن فعل الاصطياد في البر من إحرامه، فالظاهر أنَّ ما أُحل له من البحر هو الصيد أيضًا دون المصيد. على أن الله لم يجعل الصيدَ كلَّه طعامًا، بل جعل منه طعامًا، فقال:{وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ}[المائدة: ٩٦] فلم يجعل كله طعامًا، فدل على أن ليس صيدُ البحر كله طعامًا.
قوله:(وقال أبو بكر: الطافي حلال) قلتُ: وأثره عندي بعشرة طرق، وفي لفظه اضطراب، ثم الطافي ما مات حتْفَ أنفِه، وطفا على الماء. ولا بد أنْ يُستثنى منه ما طفا على الماء، بسبب ظاهر، نحو الضرب بالعصا، وغيره. ولنا ما عند أبي داود في الأطعمة عن جابر بن عبد الله مرفوعًا:«ما مات فيه وطفا، فلا تأكلوه». وصحح أبو داود وقفَه.
قوله:(إلا ما قذرت منها) بأن كان تغيَّرَ، أو فَسَدَ.
(١) ورتب ابن رشد تلك المسائلَ أحسنَ ترتيب، فراجعها من "بداية المجتهد": ص ٣٩٧ الى: ص ٤٠٣ - ج ٢، ومسألة الطافي من: ص ٣٩٨ - ج ٢، وراجع معه "الجوهر النقي". من: ص ٢١٦، وص ٢٢٤، وص ٢٢٥ - ج ٢.