وقول عُبادة، إما مبنيٌّ على ظنِّ أنه يبقى حرامًا بعد الطبخ أيضًا، أو أنَّ عمر لما رخص لهم في القليل منه، خاف تجاوزهم عن الحد، ووقوعهم في القدرِ الكثير أيضًا، فقال ما قال. ثم إن المطبوخ المذكور إن كان حلالًا مطلقًا لعدم الإِسكار فيه، فلا حجة لنا فيه، وإن كان الكثير منه مُسكرًا، فهو حُجة لنا في جواز الشرب من المثلث، بقدر ما لم يسكر. هكذا في بعض تذكرتي. (٢) فقال الحافظ: والذي يظهر أن ذلك يختلف باختلاف أعناب البلاد. فقد قال ابن حزم: إنه شَاهَدَ من العصيرِ ما إذا طُبخ إلى الثلث ينعقدَ، ولا يصير مسكرًا أصلًا، ومنه ما إذا طبخ إلى النصف كذلك، ومنه ما إذا طبخ إلى الربع كذلك، بل قال: إنه شَاهَد منه ما يصير رُبًا خائرًا لا يُسكر، ومنه ما لو طُبخ لا يبقى غير ربعه لا يخثر، ولا ينفك السكر عنه. قال: فوجب أنْ يُحمل ما ورد عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم من أمر الطِّلاء، على ما لا يُسكر بعد الطبخ، وقد ثبت عن ابن عباس: "أن النارَ لا تُحلُّ شيئًا، ولا تحرمه"، أخرجه النسائي من طريق عنه، وقال: إنه يريد بذلك ما نقل عنه في الطِّلاء، وأخرج أيضًا من طريق طَاوس، قال: هو الذي يصيرُ مثل العسل، ويؤكل، ويصبُّ عليه الماء، فُيشرب اهـ: ص ٥١ - ج ١٠.