النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِأَىِّ شَىْءٍ كُنْتُمْ تُعْطُونَ قُلْتُ كُنَّا نُعْطِى بِمُدِّ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ أَفَلَا تَرَى أَنَّ الأَمْرَ إِنَّمَا يَعُودُ إِلَى مُدِّ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة ٨٣٨٩
٦٧١٢ - قوله:(كَانَ الصَّاعُ عَلَى عَهْدِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم مُدًّا وثُلُثًا بِمُدِّكُمْ اليَوْمَ) ... إلخ. واعلم أنه لا خلافَ بين الحنفية والشافعية أنَّ الصاعَ أربعةُ أمدادٍ، إنَّما الخلافُ في مقدار المُدِّ. فذهبَ الشافعيُّ، ومالكٌ، وأبو يوسف إلى أنه رَطْلٌ وثُلُثٌ، فيكونُ الصاعُ خمسةَ أرْطَالٍ، وثُلُثًا. وذهب أبو حنيفة، ومحمد إلى أنه رطلان، وحينئذٍ يكون الصاعُ ثمانيةُ أَرْطَالٍ وكان قَدْرُ المُدِّ والصاعِ قد ازداد في زمن السَّائِب على ما كان في عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم بكثيرٍ، فصار المُدُّ أربعةَ أرطالٍ، والصاعُ ستةَ عشرةَ رطلًا، ضِعْفَ ما عند العراقيين، وثلاثةَ أضعافِ ما عند الحجازيين. ولم يكن هذا الصاعُ مستعملًا في زمن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم بخلاف صاع العراقيين، والحجازيين، فإنَّهما كانا موجودين في زمن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وإن كان أحدُهما أكثرَ من الآخر.
والسِّرُّ فيه: أن أرزاقَ الناس، والحبوبَ كانت قليلةً في عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فلمَّا كَثُرَت في عهد السائب زيدَ في مقدار المُدِّ والصاع، مع بقاء ارسم على حاله. وهذا كتفاوت سير في بلادنا، كم ترى فيه فرقًا في بمبمىء، وبشاور مع اتحاد الاسم بعينه. ولذا قيَّده الراوي بقوله:«بمُدِّكم اليومَ»، كأنَّه يُشِيرُ إلى زيادة مُدِّه، فإنَّ مُدَّه اليومَ، وثُلُثَهُ ساوى تمامَ صاع النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وهذا الحسابُ لا يستقيمُ إلَّا إذا كان المُدُّ في عهده أربعةَ أرطالٍ، فيكون الصاعُ ستةَ عشرةَ رَطْلًا. ولمَّا زادَ الثُّلُثُ على المُدِّ، وثُلُثُ لمُدِّ رطلٌ وثُلثٌ، خَرَجَ أن صاعَ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم كان خمسةَ أرطالٍ، وثُلُثًا، كما ذكره ابن بطَّال في «الهامش».
٦٧١٣ - قوله:(كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُعْطِي زَكَاةَ رَمَضَانَ بِمُدِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم المُدِّ الأَوَّلِ) يقولُ الشافعيةُ: إنص المُدَّ الأوَّلَ هو رطلٌ وثُلُثٌ. وللحنفية أن يدَّعوا بثبوت صاعهم أيضًا في زمن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وحينئذٍ يَسُوغُ لهم أن يَحْمِلُوه على مذهبهم.
قوله:(قَالَ أبو قُتَيْبَةَ: قال لَنَا مَالِكٌ: مُدُّنَا أَعْظَمُ مِنْ مُدِّكُم) قال الحافظُ: إنَّ المرادَ منه العُظْمَ بحسب البركة، وذلك لأنَّه خشي أن لا يَثْبُت في قدر الصاع في متن المدينة اختلافٌ، فَيَثْبُتُ صاعُ الحنفية عند أهل المدينة. ولذا نُسِبَ صاعُنا إلى الحجَّاج، وسمَّاه حَجَّاجِيًّا، مع أنه ثَبَتَ عن عمر. فحمله على أنَّ المرادَ منه عمرُ بن عبد العزيز. ولَعَمْرِي أنه صنيعٌ لا ينفع الدينَ.