للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَتَّى يُدْرِكَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ؟ ٢٠٥/ ٨

٦٨١٥ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ فِى الْمَسْجِدِ فَنَادَاهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى زَنَيْتُ. فَأَعْرَضَ عَنْهُ، حَتَّى رَدَّدَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ، دَعَاهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «أَبِكَ جُنُونٌ». قَالَ لَا. قَالَ «فَهَلْ أَحْصَنْتَ». قَالَ نَعَمْ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ». أطرافه ٥٢٧١، ٦٨٢٥، ٧١٦٧ - تحفة ١٥٢١٧، ١٣٢٠٨

٦٨١٦ - قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِى مَنْ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ فَكُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَهُ فَرَجَمْنَاهُ بِالْمُصَلَّى، فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ هَرَبَ، فَأَدْرَكْنَاهُ بِالْحَرَّةِ فَرَجَمْنَاهُ. أطرافه ٥٢٧٠، ٥٢٧٢، ٦٨١٤، ٦٨٢٠، ٦٨٢٦، ٧١٦٨ - تحفة ٣١٦٩

قوله: (وعن النَّائِمِ حتَّى يَسْتَيْقِظَ) وراجع له كلامَ شمس الأئمة السَّرَخْسِيّ، فإنَّه أجاد فيه، ووضع له فصلًا مستقلاًّ في كتابه.

٦٨١٦ - قوله: (فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الحِجَارَةُ) ... إلخ. واعلم أنَّ الرجمَ إن كان بالبينة، فلا عِبْرَةَ برجوعه، وفراره. وإن كان بالإِقرار، فإن فرَّ قبل إقامة الرجم يُتْرَكُ، ويكون فرارُه دليلًا على رجوعه. وإن فرَّ بعدَه فرارَ المتألِّم، يُرْجَمُ، ولا يَسْقُطُ عنه الرجمُ. وذلك لأنَّ فرارَه هذا طبعيٌّ، والإِنسانُ مجبولٌ على ذلك. وإليه يُشِيرُ كلامُ "البدائع": وهو الظاهرُ من قوله: "فلمَّا أَذْلَقَتْهُ الحجارةُ (١) ".

وقال المالكيةُ (٢): إنه يُسْأَلُ لِمَ يَفِرُّ؟ فإن كان من ألم الحجارة، يُرْجَمُ، وإلَّا لا.

وقال الشافعيةُ: إن له خيارًا في الرجوع قبل أن يُرْجَمَ، فإذا دخل النَّاسُ في الرجم لا يعتبر بفراره.

ومذهبُ الحنفية، والجوابُ على طورهم ما سمعت.

ولنا أيضًا أن نقولَ: إنَّا لو سلَّمنا سقوطَ الرجم عنه في القصة المذكورة، فإِنَّما لم


(١) والذي يقوِّي أن فرارَه لم يكن للرجوع ما رواه مسلم عن أبي سعيدٍ في قصته، قال: "فاشتدَّ واشتددنا خلفه حتى أتى عُرْضَ الحَرَّةِ، فانْتَصَبَ لنا، فَرَمَيْنَاهُ بِجَلَامِيدِ الحَرَّةِ -يعني الحجارة- حتى مات" اهـ. قال النوويُّ: عُرْضُ الحَرَّةِ: جانبُها. فالانتصابُ دليلٌ على أن فِرَارَه كان للتألُّم لا للرجوع.
(٢) قال ابن رُشْدٍ: وفصَّل مالكٌ، فقال: إن رَجَعَ إلى شبهةٍ، قُبِلَ رجوعُه. وأمَّا إن رَجَعَ إلى غير شبهةٍ، فعنه في ذلك روايتان: إحداهما يُقْبَلُ، وهي الروايةُ المشهورة. والثانية: لا يُقْبَلُ. اهـ: ص ٣٧٧ - ج ٢ "بداية المجتهد".
قلتُ: وأخرج ابنُ رُشْدٍ فيه لفظًا يُشْكِلُ جوابُه علينا، وهو: "أنَّ ماعزًا لمَّا هرب، فاتبعوه. فقال لهم: رُدُّوني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقتلوه رجمًا، وذكروا ذلك للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: هلَّا تركتموه؟!. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>