للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٩٧٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِى رَافِعٍ أَنَّ سَعْدًا سَاوَمَهُ بَيْتًا بِأَرْبَعِمِائَةِ مِثْقَالٍ فَقَالَ لَوْلَا أَنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «الْجَارُ أَحَقُّ بِصَقَبِهِ». لَمَا أَعْطَيْتُكَ. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ إِنِ اشْتَرَى نَصِيبَ دَارٍ، فَأَرَادَ أَنْ يُبْطِلَ الشُّفْعَةَ، وَهَبَ لاِبْنِهِ الصَّغِيرِ وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ يَمِينٌ. أطرافه ٢٢٥٨، ٦٩٧٧، ٦٩٨٠، ٦٩٨١ تحفة ١٢٠٢٧ - ٣٦/ ٩

قوله: (وقال بعضُ النَّاسِ: إِنْ وَهَبَ هِبَةً، ألفَ درهم أَوْ أَكْثَرَ، حتى مَكَثَ عندَهُ سِنِينَ، واحتَالَ في ذلكَ، ثُمَّ رَجَعَ الوَاهِبُ فيها فلا زَكَاةَ على واحدٍ منهمَا - قال أبو عبد الله - فَخَالَفَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم في الهبةِ، وأَسْقَطَ الزكاةَ) ومْحصِّلُه، أَنَّ القُبْحَ في مَذْهَبِ الحنفيةِ مِنْ وجْهَينِ:

الأول: مِنْ قولِهم بجوَازِ الرُّجوعِ في الهبةِ، والثاني: بحكْمِهِم بسقوطِ الزَّكاةِ بالحِيلَةِ، وفيهما نظرٌ. أمَّا الرجوع في الهبة، فمكْرُوهٌ عندنَا تحريمًا أو تَنْزِيهًا ديانة، وإِنْ نَفَذَ بالقضاءِ أو الرضاء؛ فإذا رَجَعَ فيها يَتَمَلَّكُها بمِلْكِ مستَأْنَفٍ، فإِذا ثَبَتَ له المِلْكُ الآن كيف تجبُ عليه الزَّكاةُ لِسنين قَبْلَه، أَمَّا الموهوبُ له، فقد تَلِفَ مالُه، وظَهَرَ أَنَّه لم يكُنْ ذلك مالُه مِن يومِ وهِبَ له، فكيفَ نُوجِبُ عليه الزكاةَ في مالٍ ظَهَر أَنَّه لم يتمَلَّكْهُ، ولا أَرَى أحدًا يُنكِرُ مقدِّمات الدِّليل، فكيف بالنَّتِيحَةِ، وكذلك الدَّليلُ يَعْملُ العجائب، نعم من قال لإِسْقَاطِ الزكاة، فقد سوَّدَ وَجْهَهُ عند الله تعالى، وذلك أَمْرٌ آخر، إِنَّما البحثُ باعتبارِ أحكامِ الدُّنيا.

٦٩٧٦ - قوله: (قال بعضُ النَّاسِ: الشُّفْعَةُ للجوارِ، ثُمَّ عَمَدَ إلى ما شدَّدَهُ، فأَبْطَلَهُ ... ) إلخ، أَي أَثْبَتَ أَوَّلًا للجَارِ شُفْعَةً، ثُمَّ وَضَعَ لإِبْطَالِها حيلةً، ويه أَنْ يَشْتَرِيَ المُشْتَري سهمًا مِنْ مئةِ سَهْمٍ أَوَّلًا، لِئَلَّا يُزَاحِمَ الجَار، فإِنَّه ما يَفْعَل بهذا السهم الواحد من مئةٍ، وبعد الشِّراءِ يكونُ شريكًا في نَفْسِ المَبِيعِ، وهو مُقَدَّمٌ على الجَار؛ وحينئذٍ له أَنْ يَشْتَرِيَ الباقي، فلا يكونُ لِجَارِه حقُّ الشُّفْعَةِ، ففي تِلْكَ الحِيلَةِ إبطالٌ لحقِّ الجَارِ.

قلتُ: لم يأتِ البُخَاري بشيءٍ مما يُخالِفُ ما ذَهَبَ إليه الإِمامُ غيرَ الاستعجابِ، والاستبعادِ، قُلنا: إِنَّ الاستَعْجَابَ إِنْ كان مِنْ إِبْطَالِ حقِّ الغيرِ بلا وَجْهٍ، فهو حقٌ، ولم نَقُل به، وإِنْ كانَ للتَّحرُّزِ عن تَأَذِي الجارِ الفَاسِق، فلا استِعْجَاب فيه {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} [البقرة: ٢٥١].

٦٩٧٧ - قوله: (وقال بعضُ النَّاسِ: إذا أَرَادَ أن يَبِيعَ الشُّفعة، فلهُ أَنْ يَحْتَال ... ) إلخ، وهذه صورةٌ أُخْرى لإِسقاطِ حقِّ الجَارِ، وهي أَنْ يَعْمَلَ العاقِدَان عَملَ البيعِ والشراءِ معنًى، وعقدَ الهِبَةِ لفظًا، وحينئذٍ ليس للشَّفِيعِ أَنْ يَدَّعي بالشُّفْعَةِ، فإِنَّ صاحبَ الدَّارِ يقول:

<<  <  ج: ص:  >  >>