٧٤٨٠ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِى الْعَبَّاسِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ حَاصَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَهْلَ الطَّائِفِ فَلَمْ يَفْتَحْهَا فَقَالَ «إِنَّا قَافِلُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ». فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ نَقْفُلُ وَلَمْ نَفْتَحْ. قَالَ «فَاغْدُوا عَلَى الْقِتَالِ». فَغَدَوْا فَأَصَابَتْهُمْ جِرَاحَاتٌ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ»، فَكَأَنَّ ذَلِكَ أَعْجَبَهُمْ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفاه ٤٣٢٥، ٦٠٨٦ - تحفة ٧٠٤٣
جَزَمَ المتكلِّمُون باتحادهما في جَنَابه تعالى، كما في «فتح القدير» من باب تفويض الطلاق. وقد مرَّ منِّي الفرقُ بينهما، فالمشيئةُ ما به شيئية الشيء، فهي مساوقة للعلم، أي هي في مرتبيته. غير أن العلمَ ما به الانكشاف، وهذه ما به الشيئية. فالمعلومُ في جَنَابِهِ تعالى لا يجيء من الخارج، ولكن علم الله تعالى هو الذي يُوجِدُ المعلوم. وأمَّا الإِرادةُ، فتتعلَّق بالإِيجاد والإِعدام سواء، والتكوين لا يتعلَّق إلَّا بالإِيجاد. وبالجملة: المشيئةُ قويةٌ من الإِرادة، حتى إنه لا شيء فوقها. وفي تلك المرتبة صفة العلم.
ومن ههنا عَلِمْتَ أن صفة المشيئة، والعلم تتقدَّمان على وجود الشيء، ومرتبةُ المعلوم في جَنَابِه تعالى لا تُوجَدُ إلَّا من تلقاء المشيئة، بخلاف الممكنات. فمعنى صفة المشيئة: أن اللَّهَ تعالى لا مُسْتَنْكِرهُ له، فلا مخصِّص، ولا مرجِّح فوقها، فهي صفةٌ متقدِّمةٌ على الإِرادة. فافهم.
٧٤٦٤ - قوله:(وَلَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: إنْ شِئْتَ فَأَعْطِنِي، فإنَّ اللَّهَ لا مُسْتَكْرِهَ لَهُ)، أي ما أنتم تَرْخُون العنان في المسألة، فإن اللَّهَ تعالى فاعلٌ ما هو شاء، سواء قُلْتُمْ: إن شِئْتَ، أو لا، فإنَّه لا يَسْتَكْرِهُ عليه أحدٌ، فهذا القول منكم لَغْوٌ.
٧٤٧١ - قوله:(إنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَكُم حِينَ شَاءَ) وعن بعض السَّلَفِ: إن في الإِنسان روحين: واحدةً لليقظة، وأخرى تَسْبَحُ في النوم. قلتُ: وهؤلاء لمَّا لم تَلْتَئِمْ عندهم أطوار الروح، قالوا بتعدُّدها، مع أنها واحدةٌ في الحالين، والفرق بصرفها. ففي اليقظة تكون مصروفةً إلى عالم المشهود، وفي النوم تتعطَّل منه، وتُصْرَفُ إلى عالمٍ آخر.