للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٧ - (عند ظهره) لئلا يَسْتَحْيُوا أن يواجهوه بالتكذيب إن كذب.

(إن كذبني) بالتخفيف أي إن نقل إلى الكذب.

(يأثروا) ينقلوا.

(سِجَال) فكأنه شبه المحاربين بالمُسْتَقِين بالدلو ليستقي هذا دلوًا وهذا دلوًا. وأشار أبو سفيان بذلك إلى ما وقع بينهم في غزوة بدر وغزوة أُحُد. واعلم أن هرقل كان عالمًا بالتوراة وأحوال الأنبياء فلم يجعل هزيمة أصحابه صلى الله عليه وسلّم دليلًا على عدم صدقه، لأنه كان يعلم أن موسى عليه السلام أول من انهزم في مقابلة العمالقة فقال: يا رب ما هذا؟ قال: لا أبالي، أي هذه سنتي قد يكون النبي غالبًا وقد يكون مغلوبًا. نعم، إنما تكون العاقبة للأنبياء، ففتح الله في زمن يُوشَع عليه السلام.

قوله: {وَلَا تُشْرِكُواْ} ... إلخ واعلم أن الإشراك بالله على عِدّةُ أقسام: الإشراك في الذات، والإشراك في الصفات، والإشراك في العبادة، والرابع: الإشراك في الطاعة، أما الأوَّلانِ فظاهران. وأما الثالث فيعم أن يكون عبادةَ الغير مع زعم كونه معبودًا، أو لا كبعض مشركي العرب حيث قالوا: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَاّ لِيُقَرّبُونَآ إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: ٣] وأما الرابع، فنبه عليه الشاه عبد القادر رحمه الله، وهو أن يُتَّبِع في تحليل الحرام وتحريم الحلال غير الله سبحانه وتعالى، كما كان النصارى يتخذون أربابًا من دون الله، فهذا أيضًا نوع من الشِّرك، وسماه الشاه عبد القادر رحمه الله الشركَ في الطاعة، فاعلمه.

(بالصلاة) واعلم أن الألفاظ التي لُوحِظت فيها القيود عند الشرع حقائق عندي لا مجازَ فيها ولا عموم المجاز، كيف مع أن أبا سفيان في زمن الجاهلية يستعمل الصلاة في تلك الحقيقة حقيقة، وإن لم يَكْتَنِه حقيقتَها فالشيء لا يصير مجازًا بتبدُّل الهيئة، وإلا يلزم أن تكون صلاة الحنفية مجازًا عند الشافعية وبالعكس. وكذا يلزم أن يكون إيمان أحدهما مجازًا عند الآخر، وهو باطل، خلافًا لبعضهم كما سيجيء.

(وقد كنت أعلم) قال المازني هذه الأشياء التي سأل عنها هِرَقْل ليست قاطعةً على النبوة، إلا أنه يحتمل أنها كانت عنده علامات على هذا النبي بعينه صلى الله عليه وسلّم لأنه قال بعد ذلك: قد كنت أعلم أنه خارج ولم أكن أظنّ أنه منكم. وما أورده احتمالًا جَزَمَ به ابن بَطَّال وهو ظاهر كذا في «الفتح». وهو وإن صدقه صلى الله عليه وسلّم لكنه كافر لما في المسند لأحمد: أنه كتب من تبوك إلى النبي صلى الله عليه وسلّم أني مسلم، فقال صلى الله عليه وسلّم «كذب بل هو على نصرانيته».

قال الحافظ رحمه الله: فعلى هذا إطلاق صاحب «الاستيعاب» أنه آمن، يعني به أَظْهَر التصديقَ، لكنه لم يستمر عليه ويعمل بمقتضاه.

(بسم الله الرحمن الرحيم) وإنما جمع بين اسم الله والرحمن، لأن اسم الله كان معروفًا عند بني إسماعيل، والرحمن عند بني إسرائيل، فجاء القرآن يجمع بينهما، وقال: {قُلِ ادْعُواْ اللَّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الاْسْمَآء الْحُسْنَى} [الإسراء: ١١٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>