للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأنه كان عندهم ذريعة التحقيقِ، وأمكن لهم تبين الحال بذهابهم إلى المدينة، فالأصلُ أنَّه لا بَأْسَ بالعَمَلِ على الظنِّي إذا كان قطعيًا مِنْ أصله، ولذا لم يُشْتَرط في تبليغ الدين عدد التواتر عند أحد، ولا يُسَوَّغُ لكافرٍ أَنْ يقول إنَّ دينَكُم وَإِنْ كان قطعيًا في نفسه لكنه لمّا لم يَبْلُغ إليّ إلا مِنْ أخبارِ الآحادِ فلا يكون حجةً ملزمةً. ولم يَكْتُبه الأصوليون، وإنما تنبهتُ له. وقد ذكرته في «نيل الفرقدين» و «إكْفَارُ الملحدين»، وقد مرَّ هذا البحث في المقدمة فَرَاجعهُ مع بيان أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم لمَّا تَكَفَّل بإِخبارِهم لزِم أَنْ تصحَّ صلواتُهم التي صلَّوْها إلى بيت المقْدِس قَبْلَ بلوغِ الناسخ إليهم. وقد فَرَغْنَا من تحقيق أَنَّ النَّاسِخَ نَزَلَ في صلاةِ الظهر أو العصر، وصرح الحافظ بُرْهَان الدين الحلبي الحنفي في شرح البخاري: أَنَّ التَحْوِيلَ كان في ركوعِ الرَّكعة الثالثة. وقد كان «تيمر» حَرَق كتبه وتصانيفه.

واعلم أن الواو في «تيمور» إنِّما هو على مذهبِ مَنْ يرسمون الإِعراب بالحركاتِ في صورة الحروف.

قوله: (هشام) بن عبد الله وهذا هو الذي تُوفي محمدٌ رحمه الله تعالى في بيته، وفي هذا اليوم تُوفي الكِسَائي رحمه الله تعالى أيضًا، وكان محمدٌ رحمه الله تعالى قاضيًا في الرَّقَّة، ولما بَلَغَ الرشيد قال: دفنا اليوم الفقه والنحو معًا.

*أَسِفْتُ على قاضي القُضَاةِ محمدٍ ... وأذريتُ دمعي والفؤادُ عميدُ

*فَقُلْتُ إذا ما أَشْكَلَ الخَطْبُ مَنْ لنا ... بإيضاحه يومًا وأَنْتَ فَقِيْدُ

٤٠١ - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ إِبْرَاهِيمُ لَا أَدْرِى زَادَ أَوْ نَقَصَ - فَلَمَّا سَلَّمَ قِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَحَدَثَ فِى الصَّلَاةِ شَىْءٌ قَالَ «وَمَا ذَاكَ». قَالُوا صَلَّيْتَ كَذَا وَكَذَا. فَثَنَى رِجْلَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، فَلَمَّا أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ قَالَ «إِنَّهُ لَوْ حَدَثَ فِى الصَّلَاةِ شَىْءٌ لَنَبَّأْتُكُمْ بِهِ، وَلَكِنْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِى، وَإِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِى صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَرَّى الصَّوَابَ، فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ ثُمَّ يُسَلِّمْ، ثُمَّ يَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ». أطرافه ٤٠٤، ١٢٢٦، ٦٦٧١، ٧٢٤٩ - تحفة ٩٤٥١ - ١١١/ ١

٤٠١ - قوله: (لا أدري أزاد أو نَقَصَ) وسيأتي في البابِ الذي بعده أنَّه جَزَمَ بالزِّيَادةِ، فلعله شَكَّ فيه مرةً وجَزَمَ به أُخْرَى.

قوله: (فليتحرَّى الصَّوَابَ) والمسألةُ عندنا فيمن عَرَضُه الشَّك أَوَّلَ مرةٍ أَنْ يَسْتَقْبِلَ، وإلا تَحَرَّىَ وعَمِلَ بِغَلَبَة الظنِّ، وإلا أَخَذَ بالمُتَيَقَّنِ وهو الأقل وتفصيله في الفقه، وعند الشافعية يَأْخُذ بالأقل في جميعِ الصُّورِ.

ثمَّ اختلفَ مشايخُنَا في إيجابِ سجدةِ السَّهْوِ في الصَّورَة الثانية، ففي «الجوهرة النَّيِّرَة» و «رَدِّ المحتار» نقلا عن «السراج الوهاج» أنَّه لا يسجدها وهو الأقرب، والأكثر إلى أنَّه يسجدها كما في «الفتح». وأما في الصورة الثالثة فيسجد للسهو قطعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>