وقد عَلِمْتَ فيما مَرَّ أَنَّ البخاري وَسَّعَ في عِبْرَةِ الجهل والنِّسْيَان كثيرًا، فلو صلى ناسيًا إلى غير القِبلة أو ساهيًا جازت صلاتُهُ عندَه، وهكذا المسألةُ عندَهُ فِيْمَنْ صلى في ثوبٍ نَجِسٍ. لم يُوَسِّع فيه الحنفية بمثله، نعم تحملوا الانحراف عنها فيما إذا سبقه الحَدَث فانصرفَ للوضوءِ بِشَرْطِ أن لا يخرج مِنَ المسجد، فقد اعتبروا الانحراف في الجملة إلا أنَّهم لم يُجَوِّزوا فيه الإِطلاق.
٤٠٢ - قوله:(في ثلاث) وليس في تَخْصِيصِ العددِ بالثَّلاث ما يَنْفِي الزيادة، وقَدْ عدَّ المحدِّثون موافقاتِهِ إلى اثنين وعشرين كما في القَسْطَلاني.
قوله:(أن يبدله أزواجًا) ... إلخ وبحث اللغويون في الفَرْقِ بين الإبدال والتَّبْدِيْلِ والتَّبدل وأنَّ المتروك فيها ما هو، والمأخوذ ما هو، وتَعَرَّضَ إليه شارح الإِحياء في مسألة تبديل الضاد بالظَّاء في الصلاة.
٤٠٤ - قوله:(الظُّهْرَ خَمْسَا) ويلزمُ فيه القُعود على الرابعةِ عندنا، وإلا تتحول فَرِيضَتُهُ نفلا ولا حاجةَ إليه على مذهب الشافعية. والمسألة اجتهادية ليست فيها نصوص لأحد.
ولنا: تفقه قوي، وهو أَنَّ الصلاةَ في الدين المحمَّدي ثنائية، ورباعية، وثلاثية، ومعلوم أَنَّ مثنوية الصلاة ورباعيتها، لا تتقوم إلا بالقَعْدة، فكونها ثنائية أو غيرها مِنْ متواترات الدِّين. وقد عَلِمْتَ أَنَّها تَتَوقف على القَعْدَةِ فلا بد أَنْ تكونَ فريضة كما قيل: إنَّ مقدمة الواجب واجب. ولذا قال الحنفية: إِنَّ ما دون الرَّكعة مَحَلٌ للرفض بخلاف الرَّكعة التامة، فإنَّها من متواترات الدِّين بمعنى كونِها أمرًا معتدًا بها فلا تكون محلا للرفض؛ لأنَّه يُوجب نقض المتواتر. ثم إنَّ