أعتبر به. ولا أَعْتَمِد عليه في نَقْلِ مذهبنا إلا أَنَّ الوجدان يحكُم ههنا، أَنَّ المسألةَ تكونُ كَذلِك والله تعالى أعلم.
٥٠٢ - قوله:(التي عند المُصْحَف) قال الحافظُ رحمه الله تعالى: إِنَّها أُسْطُوَانة مخلقة. ورد عليه السَّمْهُودي وقال: والتي عندَ المصحف غيرها.
ثُمَّ إنَّ الراوي يعلمها بأمارات حدثت في زَمَنِ عثمان رضي الله عنه لا أَنَّها كانت في زَمَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلّم.
قوله:(قال فإِني رأيتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلّم) ولولا مِثْل هذه الوقائِع الضمنِيَّة لنفيت ثبوت النافلةِ عن النَّبي صلى الله عليه وسلّم في المسجد.
٥٠٣ - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَقَدْ رَأَيْتُ كِبَارَ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَبْتَدِرُونَ السَّوَارِىَ عِنْدَ الْمَغْرِبِ. وَزَادَ شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَنَسٍ حَتَّى يَخْرُجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه ٦٢٥ - تحفة ١١١٢
٥٠٣ - قوله:(يبتدرون السَّوَاري عند المَغْرِب) وتلك الصَّلاة مستَحَبَّة عند الشافعية، ومباحة عند أبي حنيفة ومالك، كما قَرَّرَ ابنُ الهمام رحمهم الله تعالى.
وحاصله: أَنَّها تُرِكَ العمل بها ولم يقررها أحد كما قررها الشيخ رحمه الله تعالى فليراجعه. وعن أحمد رحمه الله تعالى في «العيني»: ما صَلَّيتها إلا مرةً حين بلغني الحديث. وكان هذا من دَأَبِ بَعْضِ المحدِّثين أنَّهم كانوا يَعْمَلون بحديث يَبْلغهم مرة خروجًا عن عُهْدَته، وعند الحافظِ رحمه الله تعالى ما صلَّيتها إلا مرة حتى بلغني الحديث، مكان حين، فانقلت منه المراد، وهو غلط من الناسخ، والصحيح كما نَقَلَهُ العيني فليُتنبه. ولعلَّ في «البدائع» أو كتاب الحافظ ابن القيم رحمه الله تعالى: أنَّ أحمد رحمه الله تعالى سُئِل عنهما فلم يهتم بشأنهما، وقال: انْقَطَع بهما العَمَل، فدلَّ أَنَّ الصَّواب كما في العيني، وما في نسخة الحافظ رحمه الله تعالى سَهْوٌ.
وفي الخَارِج أَنَّ الأنْصار كانوا يُصَلُّونها بخلافِ المُهاجرين، وعند أبي داود عن ابنِ عمر رضي الله عنهما ما يدل على خُمولها في الصدر الأَوَّل، وفيه «ورخص في الرَّكعتين بعد العصر» ومرجع الضمير عندي ابنُ عمر رضي الله عنهما دون النَّبي صلى الله عليه وسلّم ثم في إسنادِهِ محمد بن جعفر.
قلت: وهو غُنْدَر وقد تَحصَّل الفِقْهَ بمطالعة كُتُبِ زفر رحمه الله تعالى، وكان زُفر رحمه الله تعالى، ذهب إلى البَصْرَة لحاجةٍ له فأصرَّ عليه النَّاس أَن يقيم بها، فتوفي هناك ولم يدركه غُنْدَر، فَحصَّل الفِقَه من كُتُبِه، ثم إنَّ أهلَ البَصْرَة كانوا سَاخِطين عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى، فكان محمد بن جعفر يُلقي على النَّاس ويَذْكُر مسائله، لا يذكر اسم أبي حنيفة حتى إذا مدح النَّاس على مسائِله أَفْصَح باسمِهِ وقال: إنَّها هي مسائل أبي حنيفة، فسكت عليه الناس هكذا ذَكَرَهُ الطَّحاوي.