للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَرِهَهُ الحنفية (١)، وإن تكلَّم اخْتُلِفَ في الإِعادة.

قوله: (ولا بأس أن يَضْحَكَ) ... إلخ، لا ينبغي أن يُفْهَم منه التوسيع في الكلام والضحك وأمثالهما، فإنَّ توارثَ الأمة على ترك السلام في خلاله.

قوله: (رزغ) كارا.

٦١٦ - قوله: (فلما بَلَغَ المؤذِّنُ حيَّ على الصلاة، فَأَمَرَه أن يُنَادِي: الصلاة في الرِّحَال) ... إلخ، ففي هذا الحديث أنه أمَرَ بتلك الكلمات مكان حيَّ على الصلاة، ثم ليس فيه ذكر بقية الأذان. وعن ابن عمر رضي الله عنه في الحُدَيبية: «أنه أَمَرَ بها بعد الفراغ عنه». قلتُ: وعليه ينبغي العمل، فإن ابن عمر رضي الله عنه أكثر اتباعًا للأثر، وأقل اجتهادًا من ابن عباس رضي الله عنه، وفي طُرُقه تصريحٌ أنه كان يوم الجمعة. وعَدُّ الزَّرْغ من أعذار الجمعة في فقهنا أيضًا. وروى محمد رحمه الله تعالى في كتاب «الحجج»: «إذا ابتلّت النعال، فالصلاة في الرِّحَال»، ثم فسَّر النعال بالأرض الصلبة، دون النعل المعروف. والحافظ رحمه الله تعالى لَمَّا لم يَظْفَرْ بكتاب «الحجج»، نقل تفسيره عن «غريب الحديث» لأبي عُبَيْد، وأبو عُبَيْد هذا كثيرًا ما يقول في كتابه: ومن الروايات التي تأوَّلناها على محمد بن الحسن، أي أخذنا شرحه منه. وعُلِمَ منه أن شاكلةَ الجمعة تُغَاير شاكلة سائر الصلوات عندهم، ولذا من تخلَّف منهم عن الجمعة لم يصلِّها في بيته. ولو كان حال الجمعة كحال سائر الصلوات، لأقاموا الجمعات في رِحَالهم أيضًا، فافهم.

٦١٦ - قوله: (وإنها عَزْمَةٌ): يعني أن صلاةَ الجمعة عَزْمة، فلولا أَمَرْت بهذه الكلمات أن ينادى بها في الأذان لحضرتم كلكم، وربما تحرَّجتم، فصلَّيت بالحاضرين، وأعلنت بتلك الكلمات لمن أَرَاد أن لا يَحْضُرها، ويصلِّي في بيته.


(١) وفي "البحر": أنه لا يتكلَّم في الأذان ولا في الإقامة، وإن كان ردُّ سلام، أو تشميتُ عاطسٍ، أو حمدٌ على العطس، أو السلام، فإن تكلَّم، يَستَأنِفُ. وفي "الخلاصة": إن تكلَّم بكلامِ يسيرٍ، لا يَلْزَمُه الاستقبال. وفي "فتاوى قاضيخان": لا ينبغي للمؤذِّن أن يتكلَّم في الأذان والإقامة أو يمشي، لأنه شبيهٌ بالصلاة، فإن تكلَّم بكلامٍ يسيرٍ، لا يلزمه الاستقبال. وفي "البناية": يكره له أن يتكلَّم في أذانه وإقامته، لأنه ذِكْرٌ معظم.
قال القَسْطَلانِي في "إرشاد الساري": اختلف الأئمة رحمهم الله تعالى في هذه المسألة، فقال أحمد رحمه الله تعالى: يجوز الكلام في أثناء الأذان، وهو قول عند الشافعية، وقيَّده في "المجموع" بما إذا لم يُفحِش بحيث لا يُعَدُّ أذانًا. ورجَّح المالكية رحمهم الله تعالى المنع مطلقًا، لكن إن حَصل مهمٌ ألجأه إلى الكلام، ففي "الواضحة" يتكلَّم، وفي "المجموعة": نحوه.
وقال المحقِّقُ العَيْني رحمه الله تعالى: إنه خلاف الأولى عندنا، وقال محمد رحمه الله تعالى في كتاب "الآثار": أخبرنا أبو حنيفة رحمه الله تعالى: حدَّثنا حمَّاد، عن إبراهيم أنه قال في المؤذِّن يتكلَّم في أذانه قال: "لا آمره ولا أنهاه". قال محمد رحمه الله تعالى: وأمَّا نحن فَنَرى أن لا يفعل، وإن فَعَلَ لم يُنْقِص ذلك في أذانه، وهو قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى اهـ. كذا في "السعاية" مع بعض تغييرٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>