للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّىَ بِالنَّاسِ فِى مَرَضِهِ، فَكَانَ يُصَلِّى بِهِمْ. قَالَ عُرْوَةُ فَوَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى نَفْسِهِ خِفَّةً، فَخَرَجَ فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ يَؤُمُّ النَّاسَ، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ اسْتَأْخَرَ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ أَنْ كَمَا أَنْتَ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِذَاءَ أَبِى بَكْرٍ إِلَى جَنْبِهِ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّى بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِى بَكْرٍ. أطرافه ١٩٨، ٦٦٤، ٦٦٥، ٦٧٩، ٦٨٧، ٧١٢، ٧١٣، ٧١٦، ٢٥٨٨، ٣٠٩٩، ٣٣٨٤، ٤٤٤٢، ٤٤٤٥، ٥٧١٤، ٧٣٠٣ - تحفة ١٦٩٧٩

فإن كان واحدًا، يتأخَّرُ عن إمامه بقليلٍ عند محمد رحمه الله تعالى، خشية أن يتقدَّمه فَتَضِيعُ صلاته. ثم إن كان اثنان، فمقامهما خلف الإمام، فإن قاما عن يمين الإمام ويساره، لا يُكْرَهُ عند أبي يوسف رحمه الله تعالى. وإن كان المقام ضيقًا، لم يُكْرَه عندنا أيضًا. وحينئذٍ لا قلقَ فيما يُنْقَلُ من مذهب ابن مسعود رضي الله عنه على أعذاره التي ذكرناها في الترمذي.

قوله: (لِعِلَّة). قال أهلُ اللُّغة: العِلَّة معناها: المرض لغةً، لا السبب والوجه، وإن كان مُسْتَعْمَلا فيه. يقول الشاعر:

*تَعَالَلْتِ كي أَشْجَى وما بكِ عِلَّةٌ ... تُرِيدِين قَتْلي قد ظَفَرْتِ بذلك

وصنَّف صاحبُ «القاموس» رسالةً في أن العلل ليست بمعنى بيان السبب والوجه والإثبات بالدليل.

٦٨٣ - قوله: (فَوَجَدَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلّم في نفسه خِفَّةً). وحَمَلَه الحافظُ على الظُّهْر. ولا أَتْرُك (١) تبادُر العبارة، فالتزمتُ أنه قد دَخَلَ في العشاء التي أُهْرِيق عليه سبع قِرَبٍ من ليلته وقد مرَّ في البخاري من أواخر أبواب الوضوء، أنه قال لَهُنَّ: «قد فَعَلْتُنَّ، ثم خَرَجَ إلى الناس». وأَصْرَحُ منه ما عنده في بال الرجل يأتمُّ بالإمام: «فلمَّا دَخَل - أي أبو بكر في الصلاة، وَجَدَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلّم في نفسه خِفَّة، فقام يُهَادَى بين رجلين، ورجلاه تَخُطَّان على الأرض، حتى دَخَلَ المسجد»، وفي البخاري: «ثم خَرَجَ إلى الناس، فصلَّى بهم وخَطَبُهم».

قوله: (فكان أبو بكر يُصَلِّي بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلّم والناس يُصَلُّون بصلاة أبي بكرٍ رضي الله عنه). يريد به الراوي: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان إمامًا، وأبا بكر مُبَلِّغًا، ونَسَبَ العَيْني إلى البخاري أن القُدْوَة عنده مُسَلْسَلة، كما ذَهَبَ إليه الشَّعْبِي من السَّلف، وابن جرير. وأنكره الجمهور، فإِن الكلَّ كانوا مقتدين بالإِمام بدون توسُّط، لا أن الصفَّ الأوَّل مقتدٍ للإِمام، والصفَّ الثاني مقتدٍ للصف الأوَّل، وهكذا ثمَّ وثمَّ. وثمرةُ الخلاف تَظْهَرُ فيما إذا رفع الإِمام رأسه عن الركوع والمقتدون، وبقي منهم واحدٌ في الركوع في أواخر الصفوف مثلا، ثم اقتدى به رجلٌ وأدركه في


(١) قلتُ: وفي النفس منه قلقٌ لِمَا عند مسلم في باب: استخلاف الإمام إذا عرض له عذر ... إلخ: "ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجد في نفسه خِفَّة، فخرج بين رجلين -أحدهما العباس- لصلاة الظهر ... " إلخ، فإنه صريحٌ في أن خروجه هذا لم يكن في تلك العشاء. ولا أرى الشيخَ رحمه الله تعالى غافلًا عن هذا اللفظ، ولكنه لم يتَّفِقْ لي السؤال عنه، فتفكَّرْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>