للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٤٧ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ سَمِعَ يَزِيدَ قَالَ أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ أَخَّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الصَّلَاةَ ذَاتَ لَيْلَةٍ إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا، فَلَمَّا صَلَّى أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ «إِنَّ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا وَرَقَدُوا، وَإِنَّكُمْ لَنْ تَزَالُوا فِى صَلَاةٍ مَا انْتَظَرْتُمُ الصَّلَاةَ». أطرافه ٥٧٢، ٦٠٠، ٦٦١، ٥٨٦٩ - تحفة ٨١٠، ٨٠٤ - ٢١٥/ ١

٨٤٦ - قوله: (صَلاةَ الصُّبْحِ)، هي واقعةُ صُلْح الحُدَيْبِيَة في السنة السادسة، حين رَجَعَ بعد ذبح دم الإحصار.

قوله: (نَوْء) وقد ذُكِرَ في «غياث اللغات» تحت لفظ التاريخ، فراجع تحقيقها منه. ثم اعلم أنه قد مرَّ مني في أوائل الكتاب: أنه لا تأثير للنجوم في الكون أصلا إلا في الحرارة والبرودة، فهي من الآثار الطبيعية. أمَّا السعادةُ والنُّجُوسةُ، فلا تأثير لها فيها، ولا يقتضيها العقلُ، ولا تَشْهَدُ بها التجربة. ثم لو سلَّمنا أن للنجوم تأثيرًا في المطر، فهو كحال المواسم. ومما ينبغي أن يُعْلَمَ أنه ذهب الشيخ الأشعريُّ أن لا خَوَاصَ في الأشياء، فمن قال: إن النارَ مُحْرِقةٌ، بمعنى كون الإحراق فيها، فهو كافرٌ. كذا نقله الأَلُوسي في «روح المعاني». ونسب إلى المَاتُرِيدِيَّة: أن في الأشياء خواص، إلا أنها بإذن الله تعالى.

قلتُ: ولا يَكْفُرُ بمجرد هذا القول، ولكن يُنْظَرُ إلى حال نيته، فإن عدَّها من الأسباب العادية، فلا كفر، وإن ادَّعى لها الإِحراق لذاتها، كفر. والمؤاخذةُ اللفظيةُ لم تَرِد في الشريعة في باب الكفر. فإن الألفاظَ المُوهِمَة قد وردت في القرآن والحديث أيضًا، فالفصلُ بالنية لا غير. وأصلُ هذا الاختلاف في سلسلة العِلَّل. فقيل: إن المُؤَثِّرة منها هي القريبةُ والبواقي شرائط. وقيل: المُؤَثِّرة هي الأولى. وقيل: المُؤَثِّرُ المجموع. وقال بحر العلوم في «شرح المَثْنَوي». إن المُؤَثِّرة عند أهل السُّنة والجماعة هي الأولى فقط، وعند المُعْتَزِلة هي القريبة، والفلاسفةُ على قولين: قيل: المجموع، وقيل: الأولى.

أقول بل المُؤَثِّر عندهم هو مجموع السلسلة، فإذا تحقَّقت تلك السلسلة بأسرها، أَوْجَبَتْ تحقُّق المعلول، وهو الإيجاب. وليست الأولى فقط مُؤَثِّرة عندهم. فإذا كانت المُؤَثِّرة عند أهل السُّنة والجماعة هي الأولى فقط، فالمُؤَثِّرُ في الأكوان كلِّها هو الله سبحانه، والبواقي شرائط، كما قال به المَاتُرِيدِيَّة. ونِعْمَ ما قالوا، فإن كان الشيخُ الأشعريُّ قال بما نقله الأَلُوسي رحمه الله تعالى، فظاهرُه فاسدٌ.

ثم إنهم تكلَّموا في مسألة توحيد الأفعال، فقيل: إن اللَّهَ سبحانه خالقٌ، والعبدَ كاسبٌ. وقال الدَّوَّاني في شرح «العقائد الجلالي»: إنه من مجموع القدرتين، وهو باطلٌ عندي. فإنه لا تقوُّم لقدرة العبد بدون قدرة الحقِّ جَلَّ مجده، فمن أين يَحْصُلُ المجموع. فإنه يستدعي جزءين مستقلَّين برأسهما ليَحْصُلَ بهما الثالث، وههنا لا حقيقةَ لقدرة العبد، ولا تقوُّم لها إلا بقدرة الله تعالى.

قلتُ: ولا نظيرَ في الكون لنسبة فعل العبد إليه تعالى، فإن هذا الربط قد أحاط بالمخلوقات بأسرها، فمن أين يجيء النظير. وقيل: إن أصلَ الفعل من الخالق، ووصفَه من

<<  <  ج: ص:  >  >>