(٢) قال الطحاوي رحمه الله تعالى في "مشكل الآثار" بعد ما أخرج عن ابن عباس أن الآية {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: ٣٣] نزلت في المشركين، ثم أخرجَ قصة العُرَنيين عن أنس رضي الله عنه ثم قال: إن الحديثَ الأول من هذين الحديثين يدلُ على أن الحكمَ المذكورَ فيه في المشركين إذا فعلوا هذه الأفعال، لا فيمن سواهم. وفي الحديث الثاني أن العقوبة في ذلك كانت عند أنس رضي الله عنه بكفر، إذ كانت تلك الأفعالُ مع الرِّدة لا مع الإسلام. ثم ذكرَ ما هو الوجهُ عنده فقال: إن قوله تعالى المذكور فيه جزاءٌ لمن أصاب تلك الأشياء، التي تلك العقوبات عقوبات لها، وقد تكونُ تلك الأشياء ممن ينتحلُ الإسلام وممن سواهم، فوجب استعمالُ ما في هذه الآية على من يكون منه هذه المحاربة، والسعي المذكورُ فيه إلى يوم القيامة، من أهلِ الملة الباقين على الإسلام، ومن أهل الملة الخارجين عن الإسلام إلى غيره، ومن أهل الذمة الباقين على ذمتهم، ومن أهل الذمة الخارجين عن ذمتهم، كما دخل أهلُ هذه الفرق جميعًا في الآية التي بعدها، وهي قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} إلخ". انتهى. مختصرًا ص ٣١٧ ج ١.