فقال سَلْمانُ:«ما لهذا غدونا». أي إنَّما غَدَوْنِا لأَجْل الصلاةِ. وقال عثمان: إنما السجدةُ على مَنْ اسْتَمَعها. وظاهرُهُ أنه ذَهَب إلى السنية. أما فَرْقُ السماعِ والاستماع فغيرُ متأتٍ عندي، لكونه من الأمور القلبية، كقوله تعالى:{فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ}[الأَعْراف: ٢٠٤] مع أَنَّه لا يستمِعُ إلا مَنْ شاء الله.
قوله:(لا يَسْجُدُ لِسُجُودِ القَاصِّ) وفي الفِقه: لو ذكر اسمَ اللَّهِ على عادتِهِم عند السؤال، لا يُنْدَبُ للسامع أن يقول: جَلَّ ذِكْرُهُ أو نحوُهُ، بخلافِ ما لو سمعه من غيرهِ فأَنَّه يُنْدبُ له أن يقول كلمة مشعرة بالتعظيم، كما يُنْدَبُ الصلاةُ عند سماعِ اسمِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم قلتُ: بل يُنْدبُ عند السماع من سائلٍ أيضًا.
١٠٧٧ - قوله:(عَمَّا حَضَرَ) قال الحافظ رحمه الله تعالى: متعلِّقٌ بقوله: أخبرني، أي أخبرني راوٍ عن عثمانَ، عن رَبِيْعَةَ عن قِصَّةِ حُضُورِه مَجْلِسَ عمرَ رضي الله تعالى عنه.
قوله:(وَزَاد نافِعٌ عن ابنِ عمرَ رضي اللَّهُ تعالى عنه: إنَّ اللَّهَ لَمْ يَفْرِضِ السُّجُودَ إلا أَنْ نَشَاءَ) قال الحافظ رحمه الله تعالى: أي زاد نافعٌ في مَقُولةِ عمرَ رضي الله تعالى عنه. وقال العَيْني رحمه الله تعالى: في مقولةِ ابن عمرَ رضي اللَّهُ تعالى عنه.
قلتُ: وقِصَّةُ عمرَ رضي الله عنه هذه أقوى ما يُمكنُ أن يُحتجَّ به على سُنِّيةِ السجودِ، فإنه تلا سورةَ النَّمل يومَ الجمعة فسجد لها مرةً، ثُمَّ لم يَسْجُد لها في الجمعة التالية، ثُمَّ قال:«إنَّما نَمُرُّ بالسجودِ فَمَنْ سجد فقد أصاب، وَمَنْ لم يسجد فلا إِثْم عليه». وذلك بِمَحْضَرٍ من الصحابة رضي الله عنهم، ولم أَرَ عنه جوابًا شَافيًا بعدُ، وما فتح الله عليّ أنه تبين لي أن الأُسوةَ لعمرَ رضي الله عنه في صنيعه في السجود - في جُمعةٍ دون جمعة - ما عند أبي داود عن أبي سعيد الخُدْري أنه قال:«قرأ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم وهو على المنبر «ص»، فلما بَلَغ السجدةَ نعزَل فَسَجَد وسجد الناسُ معه، فلما كان يومٌ آخَر قرأها، فلما بلغَ السجدةَ تَشَزَّنَ الناسُ للسجود، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم «إنما هي تَوْبَةُ نَبِيَ، ولكني رأيتُكُمْ تَشَزَّنْتُم للسجودِ، فنزل فَسَجَدَ وسَجَدُوا» اهـ. فخرج منه وَجْهُ اجتهاد عمرَ رضي الله عنه في ذلك.
قوله:(وإنْ كان سجودُهُ في «النَّمل»، وسجودُهُ صلى الله عليه وسلّم في «ص») فهذا هو الذي دعا عمرَ