للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (وقال سفيان: لا تجب حتى يتم لهذا أربعون، ولهذا أربعون) وهو وإن كان يحتملُ الشرحين، فإنَّ بعض القائلين بخُلطة الجِوَار أيضًا شرطوا النِّصاب، فإنْ كان الواجبُ عنده في الصورة المذكورة شاةً واحدةً، فهو مذهب الآخرين، وإن كان شاتين ففيه مُوَافقةٌ للحنفية، لكن ما يظهر بعد التعمُّقِ فيما قاله الطحاوي في «مشكله» من مذهب سفيان: أن سفيانَ موافقٌ للحنفية، فعليه ينبغي أن يُحمل كلامُه. وإليه ذهب البخاري وابن حزم، كما يظهر من كلام ابن رشد في «قواعده» ونقل العيني أيضًا عبارةَ ابن حزم، إلا أنها غير مفصِحة (١).


(١) قِطعة من مذكرة الشيخ في نصاب الزكاة الإِبل، وبيان معاني الأحاديث للروية في هذا الباب؛ وتشييدُ مذهب الحنفية، بحيث يزولُ عنه الارتياب، أتينا بها إتحافًا للعلماء المهرة، فليُراجعوا المظانَّ المذكور فيها، أما أنا فلم أنتهز فرصةٌ لتفصيلها. قال الشيخ رحمه الله تعالى:
وعندي أن حديث علي عند أبي داود، وغيره مرفوعًا: "فإذا زادت واحدة -يعني واحدة وتسعين- ففيها حِقتان طروقتا الفحل، إلى عشرين ومائة، فإن كانت الإِبل أكثر من ذلك، ففي كل خمسين حِقة"، صححه ابن القطان كما في "نصب الراية" ص ٣٩٠ - ج ١، راجع "الهداية" ص ٢٣٨ - ج ١ (طبع الهند)، راجع كلام البخاري في "باب زكاة الذهب والورق" عند الترمذي، وراجع ما في "الفتح" ص ٣٦ - ج ١٢ من رواية البخاري في: ص ٤٣٨ - ج ١؛
وتخريج البخاري لرواية عبد الله بن المثنى معارَضٌ بترك مسلمٍ إياها لهذا الوجه، وليس الأمر كما ذكر في "الفتح"
ص ١٥٠ - ج ٦، وإنما كان في الكتاب نصب الصدقات، وراجع "الكنز" ص ٣٠٥ - ج ٣، وص ١٠٨٤ - ج ٢ (خ)، و "مقدمة التعليق الممجد" ص ١٣، و"معاني الآثار" من لا يقتل مسلم بكافر، و"الفتح" ص ٥١٤ - ج ٩، وكلام ابن حزم في "الجوهر" ص ٢٩٠ - ج ١، وصححه ابن جرير، كما في "الكنز" ص ٣٠٧ - ج ٣؛ وهذا الذي أراده: ص ١٠٠ مسند ابن معين فيما يظهر، كما نقله المتقي: ص ١٨٧ - ج ٣ حجة للحنفية في نصاب الإبل، ولذا إنما اكتفى بخمسين، لأنه يستأنف عليه، والأربعون واقع في الطريق، والمعروف في الحساب هو الاستئناف في الزائد، لا العودُ على ما قبله بالتغيير، كما قال به من أدارَ به على الأربعين مرة والخمسين أخرى انتقالًا.
وفيما قلنا انتهاء الحساب على خمسين كل مرة. ويقعُ أربعون في الطريق، وسكت عن ذكر الشياه، أو بنت مخاض، إحالة على القياس بما تقدَّم في صدر الحديث. ووجه الكلام إلى الانتهاء إلى الحِقة، ونفي الجَذَعة، وأنه بعد ما دخل الواجبُ في التكرار، وهو بنتا اللَّبون والحِقتان، أي في إحدى وتسعين إلا عشرين ومائة، يستمر التكرر، ويدور عليهما، بخلاف بنت المخاض، فلم تتكرر أولًا أيضًا.
فلا يقال: إنه دار عليها أيضًا، وإن وجبت في الاستئناف، فليس هذا إدارةٌ عليها، ويكون وجوبها في الاستئناف لنُكتةِ أنْ يعودَ كلُّ واجب كان في الأول، حتى الشياه بخلاف طريقتهم؛ وهذه نُكتةٌ زائدة لنا عليهم. وكأن الحِقتين وظيفة المائة في الأصل، ثم الاستئناف -ثم، وثم- والإِدارة، فلما وصل إلى مائة عاد إلى الخمسين دائمًا، ولذا أسقطَ بنتَ اللبون بعد مائة وعشرين، وليس في البقر إلا تَبِيعٌ، أو مُسِنٌ من أول الأمر، فلذا أدير بعده عليهما، بخلاف الإِبل، فتأمله حسنًا، وراجع المعارضة. وإذن ساوى شرحنا وشرحهم، ويراجع "البرهان".
وصرح به فيما وقف عليه ابن أبي شيبة، من طريق سُفيان، قال: إذا زادت الإِبل على عشرين ومائة يستقبل بها الفريضة، ونحوه في "الكنز" ص ٣٠٦ - ج ٣ عن ابن جرير (ق). وظاهر كلام الحازمي على ما نقله الزيلعي، ص ٣٨٦: أنه جعل اللفظَ الأول المرفوع أنه من رواية سفيان، أي موقوفًا بهذا اللفظ، وليس عند ابن أبي شيبة كذلك، فليراجع. وراجع حديث بَهز بن حكيم عن أبيه عن جده، عند النسائي، وأبي داود، قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "في كل إبل سائمة في كل أربعين بنت لبون"، فإنه يدل على أن المرعى في نصاب الإِبل أيضًا رُبع العشر تقريبًا، ويؤيدنا. =

<<  <  ج: ص:  >  >>