للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

...........................


= لكن في "الكنز" ص ٣٠٧ - ج ٣ أن ابن جرير صححه من طريق قتادة عن أنس {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} [البقرة: ٢٢٠]، وقوله تعالى {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ} [ص: ٢٤] كأنه تذييل، وأيضًا لا يخلُوان عن الخلطة في بعض الأمور، وإن لم يكونا شركاء-. والذي يظهر أن طاوسًا، وعطاء موافقان لأبي حنيفة في عدم اعتبار خُلطة الجِوَار. وما ذكره في "الفتح" عن ابن جُرَيج: قلت لعطاء: ناس خُلطاء لهم أربعون شاة، قال: عليهم شاة. اهـ. فإنما يريد به قبل القِسمة، نعم، لا يُشترط تمامُ النِّصاب لكلِ كما اشترطه سفيان. وما في "العُمدة" عن أبي محمد نقلًا عنهما، فمن سَقَم النُّسخة. وسفيان مع أبي حنيفة، كما فيها، وفي "المعتصر"، وما عند الزُّرقاني فقاصر، وعلى هذا، فالبخاري مع أبي حنيفة، والله أعلم.
والظاهر أنه باعتبار الأمكنة، ولا أثرَ له؛ وأشبه نظيرٍ له حديث: "لا جَلَبَ ولا جَنَب". ثم جُملة الخليطين في خُلطة الشيوع، ولذا غاير في العبارة، وإلا لأرجع الضمير. وبالجملة هي عنده على المُلَّاك، وعندهم على القَطَائع. وإنما قلنا: إن عطاءً يريدُ خُلطة الشيوع لقوله: ناس خلطاء، فجعلهم هم الخُلطاء، لا أنهم خلطوا أموالَهم؛ وكذلك في الحديث. والتراجعُ عندهم يكون من أحد الشريكين، وإنما التفاعل باعتبار الحالات. وعند أبي حنيفة في حالةٍ بالحساب، فهذا أصدقُ على مذهبه، لا كما زعَمه ابنُ جرير. ووافق ابنُ حزم أبا حنيفة رحمه الله، كما في "بداية المجتهد" موضحًا، وليس الأمرُ كما ذكره الشيخ ابن الهُمَام: أن الجملةَ الأولى أيضًا باعتبار الأَملاك، بل هو باعتبار الأمكنة، كان الساعي يَقدُم إلى المُلَّاك أن يفعلوا هذا، كي يرى القطائع عينًا، ولا يثق بقولهم عند الاجتماع في عدم النِّصاب، أو المُلاك يفعلونه، ثم يُظهرون عدمه، وهو الأظهر. ثم إن الإدارة على الأربعينيات والخمسينيات عند الشافعية نظيره الإدراك على الثلاثينيات والأربعينيات في البقر عندنا، بالعود على ما قبله، واستقامة الحساب كذلك يشعر أنه المراد، وفيه أيضًا مداريتهما بخلاف قولنا: فإن فيه المدار على الخمسينيات، والأربعين، كما أنه بيَّن خمس وثلاثين، وخمس وأربعين، فكان واقعًا في الطريق كذلك، وهو في الطريق إلى الخمسين، وإذا جعل الخمسون مدارًا لا يصلح أن يجعل أربعون كذلك، فإنه في الطريق بالنظر إلى كلا الأمرين، فكان هذا هو العذر في عدم كونه مدارًا. ولعلهم يقولون: إن ذكر بنت اللَّبون -وترك بنت المَخَاض والشياه في حديثهم عندنا لإِفادة أن الواجبَ ربع العشر تقريبًا-. ثم إن لفظَ كتاب أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حَزْم، عند الطحاوي فيه ذكرُ الخمسين قبل ذكرِ الإِعادة إلى أول فريضة الإِبل، وهو الاستئناف، فكان حقُّ هذا السياق أن الخمسينَ بالعوْدِ على ما قَبله، وأن الاستئنافَ، وهو لا بالنظر إلى ما قَبْله، بل بالنظرِ إلى نفسه زائدٌ على الأحاديث، فكان على هذا أنَّ هذا الحديث مع غيره زائدٌ وناقص.
ولما كان الخمسون مع ما قَبله سقط مدارية الأربعين، ونظيره الشياه، إذا زاد على مائتين إلى ثلاث مائة ثلاث شياه، ثم في كل مائة شاة. فهذا مستقبل لا بالعود على ما قبله، ولكن الظاهرَ أن التعامل كان على كلا الوجهين. ونظيرُ ترك بنت اللَّبُون من البينِ في الخمسين بعد المائة، كترك مائة وثمان وتسعين في الشياه إذا زادت على مائتين إلى ثلاث مائة إلى أربع مائة. ثم إن الظاهر من مثل: فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حِقَّة، كأن يريد به مستقبلًا، وكذا في حديثنا، وإنما عادوا على ما قبله لعلهم أنه أراد به جعلَ الحساب واحدًا في المجموع، وإفادَة كلية بعده، وتوزيعَه على الأربعينيات والخمسينيات، كلا عندهم، أو على الخمسينيات عندنا.
وكان يَشكل على المالك حفظُ الحسابين بعد ما كثرت؛ وإعطاء سلهم (*) في كل محفوظًا ومُشَاعًا. وعندنا إنما أوصل إلى مائة وعشرين لأضعف الستين الذي فيه الحِقَّة، ولم يستقم ذلك في بنت اللَّبُون، من خمسة وسبعين في البداية، وإن استقام في تسعين، وهو النهاية. ثم بعد مائة وعشرين إلى خمسين، أنه لا يستقيم توزيع المجموع إلا بذاكُ منضمًا لا مُستأنفًا، والمنظور بعد العشرين ليس إلا خمسون انضمامًا. وليس بعد العشرين قصد الاستئناف، بل حال =

<<  <  ج: ص:  >  >>