للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الإِبل، فكان فيه: «أنها إذا بلغت تسعين ففيها حِقَّتان، إلى أن تبلغ عشرين ومئة؛ فإذا كانت أكثر من ذلك ففي كل خمسين حِقَّة، فما فَضَلَ فإنَّه يُعاد إلى أول فريضة الإِبل، فما كانت أقل من خمس وعشرين ففيه الغَنَمُ في كل خمس ذود شاة». اهـ.

ثم ساق إسنادًا آخر: حدثنا أبو بكرة: حدثنا أبو عمر الضرير: حدثنا حماد بن سلمة، ثم ذكر مثله، فارتفع بهذا الإِسناد ما في الخَصِيْب من الضَّعف، وكذلك عند أبي داود عن علي في حديث صَدَقات الإِبل، فإن كانت أكثرَ من ذلك ففي كل خمسين حِقَّة، اهـ.

وذكر فيه للأربعين، كما في حديث الطحاوي؛ ثم أخرجَ أبو داود هذا الحديثَ بعينِهِ عن حارث الأعور، وعاصم بن ضَمْرة .... إلخ. فصار عاصم مُتَابعًا للحارث، فارتفع الضَّعف المذكور، لكون عاصم ثقةً. والبيهقي - وإن تصدى إلى الكلام في حَمَّاد بن سَلَمة - لكنه مدفوعٌ بما ذَكَرنَاه، فيما أملينا على الترمذي، مع أنه أخرجه إسحاق بن راهويه في «مسنده»، وأبو داود في «مراسيله»، كما في «مشكل الآثار».

وبالجملة فقد عُلم من هذين الحديثين أن العمود في الصدقة بعد عشرين ومئة، هو الإِدارة بالخمسينيات، أما الأربعينيات فذَكَرَه في ذيل الحساب، لا لكونها مدارات. ولذا قد تُذْكر، وقد تحذف. ونظيرُه قوله صلى الله عليه وسلّم في صدقة الغنم: «إذا زادت على مئتين ففيها ثلاث شياه إلى ثلاث مئة»، ويُتوهم منه أن الوظيفة الواجبةَ لعلها تنتهي إلى ثلاث مئة، مع أنها تبلغُ إلى تسعٍ وتسعين وثلاث مئة. فذكرُ ثلاث مئة ليس لكونها مدارًا، بل هو واقع في البين. إلا أنه لما كان عددًا مُعتدَّا به ذكرها لذلك، ولأن طريقَ الحساب بالعشرات والمئات، وحذفِ الكسور. ولأنك قد علمت فيما مرّ أن الفريضةَ تجبُ على عدد. ثم تذهب إلى عدد، لكنَّ العَمُود فيه يكون عددًا معينًا. وينكشف ذلك في بعض الملاحظ، كما علمت في نُصُب الشياه، فإنه انكشف آخرًا أن المدارَ والعددَ الأصلَ كان هو المئة، وإن تغيرت الفريضةُ في بعضِ المواضع قَبْلها وبَعْدها أيضًا.

وهكذا نقول في نصاب بنت اللَّبُون، فإنه في الحقيقة وظيفةُ الأربعين، وإن ابتدأت من ستٍ وثلاثين، وانجرت إلى خمس وأربعين على ما علمته سابقًا. وهكذا الحِقَّة، فإنها وظيفةُ الخمسين حقيقةً، ألا ترى أن الواجبَ في مئة وخمسين ثلاث حِقَاق بالاتفاق، وفي مئتين أربع حِقَاق، وإن اختلفوا في التفاصيل.

والحنفية وإن خالفوا في الاستئناف، لكنه خَرَجَ من حسابِهم أيضًا أن المنظورَ في وجوب الحِقَّة هو الخمسون، ولذا أوجبوا على مئة وخمسين ثلاثُ حِقَاق، لاشتماله على ثلاث خمسينيات، وكذلك في المئتين أربع خمسينات، فانكشف منه أن الحق، وإن وجبت من ستٍ وأربعين، لكن العدد الاصلي هو الخمسون؛ وحينئذٍ لَطُف ذكرُ الخمسين على مذهبنا أيضًا، وذلك لثلاثة وجوه:

الأول: لكون الخمسين موضعُ الاستئناف.

والثاني: كون دأب الحساب العدُّ بالعشرات، وترك الكسور.

<<  <  ج: ص:  >  >>