غير أني رجحتُ أنها تتحقق، ويكون مستأنسًا بقول صاحب "التحفة"، لكن الأوجه خلافُه، لتصريح أهل المذهب من أبي حنيفة، وصاحبيه في الآفاقي الذي يعتمر، ثم يعود إلى أهله، ولم يكن سَاق الهَدْي، ثم حج من عامه بقولهم: بطل تمتعه. وتصريحهم بأن من شرطِ التمتعِ مطلقًا أن لا يُلمَّ بأهله بينهما إلمامًا صحيحًا، ولا وجودَ للمشروطِ قبل وجودِ شرطه. ولا شك أنهم قالوا بوجود القاصد مع الإِثم، ولم يقولوا بوجود الباطل شرعًا مع ارتكاب النهي، كبيع الحج ليس ببيع شرعي. ومقتضى كلام أئمة المذهب أولى بالاعتبار من كلام بعض المشايخ. وإنما لم نسلك في منع العمرةِ في أشهرِ الحج مسلَكَ صاحب "البدائع"، لأنه بناه على أمرٍ لم يلزم ثبوتُه على الخصم، وهو قوله: جاء في بعض الأوجه أن المرادَ: للحج أشهر، واللام للاختصاص، وهذا مما للخصم منعه، ويقول: بل جازَ كونُ المرادِ أنَّ الحج في أشهر معلومات، فيفيدُ أنهُ يفعلُ فيها لا في غيرها، وهو لا يَستلزمُ أن لا يُفعل فيها غيره. والله أعلم. (١) هذا عكس ما في "فتح القدير" كما نقله فضيلة الجامع، فراجع ما في "الحاشية" قوله: حتى لو أنَّ مكيًا اعتمر ... إلخ؛ وراجع أيضًا قوله: إن الوجهَ منعُ العمرة للمكي في أشهر الحج، سواء حج من عامه، أو لا ... إلخ. فالذي رجع إليه ابن الهمام آخرًا، هو عدم جوازِ العمرة في أشهر الحج للمكي مطلقًا. نعم، استدل له بخلاف ما استدل به. فعلى هذا وقع الخطأ في ضبط كلام إمام العمر صاحب "فيض الباري" ولعله قاله على عكس ما هنا مطابقًا "للفتح" فتنَبَّه. (مصححه البِنَّوري).