واحتجوا في ذلك بما رُوي عن أمامة بن زيد أنه قال: "يا رسول الله أتنزل في دار مكة؟ فقال: وهل ترك لنا عقيل من رباع أو دور؟ ... إلخ. قال أبو جعفر: ففي هذا الحديث ما يدل أن أرضَ مكة تُملك وتورَثُ، لأنه قد ذكر فيها ميراثَ عقيل، وطالب لما تركه أبو طالب فيها من رباع ودور، فهذا خلاف الحديث الأول. ثم اختارَ الطحاوي مذهب أبي يوسف، وترك مذهب الإِمام أبي حنيفة؛ وقال في باب مكة: فأما أرضَ مكة فإِن الناسَ قد اختلفوا في ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - التعرضَ لها، فمن يذهبُ إلى أنَّه افتتحها عَنوة، فقال: تركها منةٌ عليهم، كمنته عليهم في دمائهم، وفي سائر أموالهم، وممن ذهب إلى ذلك أبو يوسف، لأنه كان يذهبُ أنَّ أرضَ مكة تجري عليها الأملاك، كما تجري على سائر الأرضين. وقال بعضهم: لم تكن أرض مكة مما وقعت عليه الغنائم، لأن أرضَ مكة لا يجري عليها الإِملاك، وممن ذهب إلى ذلك أبو حنيفة، وسفيان الثوري، وقد ذكرنا في هذا الباب الآثار التي رواها كل فريق ممن ذهب إلى ما ذهب إليه أبو حنيفة، وأبو يوسف في كتاب البيوع. اهـ: ص ١٨٩ - ج ٢؛ قلت: وقد نقلت أولًا ما ذكره فيه، وهذا يدلك ثانيًا أن الطحاوي لم يتعرض إلى تغاير المسألتين. وبالجملة: لم نجد في كلامه ما يدل على أنَ مسألةَ بيعِ الدور غيرُ مسألة بيعِ الأراضي، بل تبويبه ببيع أرض مكة، ثم إخراج أحاديث الدُّور تحتها يدل على اتحاد المسألتين، وكذا إحالته في باب فتح مكة عند ذكر بيع الأراضي =