أما أنا فقد أتيك ما وجدت فيه، ولكني لا أثقُ بنفسي. قال القاضي أبو المحاسن في "المعتصر": رُوي أن أسامةَ بن زيد قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أتنزل في دارك؟ فقال: وهل ترك لنا عقيل من رباع، أو دور؟. وكان عقيل ورثَ أبا طالب هو وطالب، ولم يرثه جَعْفر، ولا علي لأنهما كانا مسلمين، وكانا عقيل، وطالب كافرين. وكان عمر يقول: "لا يرثُ المؤمن الكافر". قوله: وكان عقيل ... إلخ، ليس من الحديث، إنما هو كلام الزُّهري، ولهذا قال له موسى بن عُقبة: أفصُل كلامك من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -. احتج المحتجُّ بهذا على أن أراضيَ مكة مملوكةٌ، ولا حجة فيه، لأن إضافةَ الدارِ من أسامة إليه، وإضافته إياها إلى نفسه، قد تكون بسكناها لا على أنها مِلكٌ له، كإِضافته تعالى بيتَ العنكبوت إلى العنكبوت، ومساكنَ النمل إلى النمل، وكما يقال: باب الدار، وجُل الفرس، يؤيده أن إرث أبي طالب لا يرجعُ إلا إلى أولاده، وكذا مال عبد المطلب لا يرجعُ إليه - صلى الله عليه وسلم -، لأن أباه عبد الله مات قبل المطلب. اهـ. (*) قلت: يُحتمل أن يكونَ أراد إمام العصر من الحوالة، التَّنبِيهَ على الفرق بين الدَّور وبين الأراضي، عند الإمام أبي حنيفة، ونوعَ تعقيب على ظاهرِ ما يُفهم من كلام الطحاوي. ثم تحقيقُ المذهب بالفرقِ بين بيع الدور وبين بيع الأراضي، وجواز الأول دون الثاني، فتأمله. وإذا لم يُفرق الطحاوي بينهما، فعدم جوازِ بيع الدور عند الإمام ظاهرٌ من كلامه، فالشيخ سلَّمه في الدور، ولم يُسلِّمه في الأراضي. (المصحح).