والثاني ما توجه إليه شيخ الشريعة والطريقة، الحبر العلامة خليل أحمد قُدِّس سِرُّه في شرحه على أبي داود، الشهير بـ "بذل المجهود"، ومنشأه ما في بعض سياق البخاري في قِصة أبي قَتَادة، هكذا "فخرجوا معه، فصرف طائفة منهم فيهم أبو قتادة، فقال: خُذوا ساحلَ البحر حتى نلتقي، فأخذوا ساحلَ البحر، فلما انصرفوا أحرمُوا كلهم، إلا أبا قتادة لم يحرم". قال الشيخ -شارح أبي داود- قُدِّس سِرُّه: سياق حديث البخاري هذا مشكلٌ، لأنه يخالف جميعَ السياقات التي أخرجها البخاري، وغيره، فإنه يدل على أن أبا قتادة، ومن معه خرجوا إلى ساحل البحر، وكلهم لم يُحرموا، فلما انصرفوا من ساحل البحر أحرموا كلهم، إلا أبا قتادة، فإنَّه لم يحرم: وجميع السياقات تدلُّ على أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن معه من أصحابه كلهم أحرموا من الميقات. إلا أبا قتادة فإنَّه لم يحرم. وتأوَّلَه القسطلَّاني بأن قوله: "فلما انصرفوا". شرط ليس جَزَاؤه قوله: "أحرموا كلهم إلا أبو قتادة"، بل جزاؤه قوله: "فبينما هم يسيرون إذ رأوا حمار وحش". وتقديرُ العبارة: فأخذوا ساحل البحر، فلما انصرفوا، وكانوا قد أحرموا كلهم من الميقات، إلا أبو قتادة، فإنَّه لم يُحرم من ذي الحُلَيفة. قال الشارح قُدِّس سِرُّه: ولم أر أحدًا منهم تعرض إلى دفع الإِشكال المذكور غيره، فجزاه الله تعالى خيرًا. انتهى ملخصًا.