٥٠ - قوله:(بارزًا يومًا للناس) والبروز: الظهور. وعند الحافظ رحمه الله تعالى أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يجلسُ بين أصحابه، فيجيءُ الغريب فلا يدري أيهم هو. فجعلنا له مجلسًا يعرفه الغريبُ إذا أتاه. قال: فبنينا له دكانًا من طين كان يجلس عليه.
(الإيمان أن تؤمن بالله) ... إلخ فذكر تحته الأشياءَ الغائبة، كما مر تحقيق الحافظ ابن تيمية رحمه الله تعالى: أن الإيمان لا يتعلق إلا بالمغيبات.
(وبلقائه): وهذا هو الجزءُ الذي يتميزُ به الإسلامُ عن سائر الأديان الباطلة.
فإن أهل يونان عقيدتهم أن العلومَ الحقَّة كلها تحصلُ في الأنفس بعد افتراقِها عن الأبدان، وتصيرُ جميعُ الأشياء مشهودةً لها، فيحصل لها بها سرورٌ، وهو جنتها ونعيمها، وإن لم يحصلُ لها العلوم أو حَصَلَتْ على خلاف ما كانت في الواقع، فهذا يكون غمًا عليها أبدًا وهو عذابُها وجحيمُها. وعندهم العقول بدل الملائكة، ولقاءه تعالى عندهم محال.
وأما هنادكة الهند فيقولون: بحلول الألوهية في الجُثْمان ويُسمونَها ديوتا، واوتار ويعبدونَها ويزعمونَ بالتناسخ، فليس أحدٌ منهم قائل باللقاء إلا أهل الدين السماوي، قال تعالى:{فمن كانَ يرجُوا لقاءَ ربه فليعملْ عَمَلًا صالحًا}[الكهف: ١١٠]. ثم اعلم أنه ليس بين الدنيا والقيامةِ مسافةٌ يصلُ إليها بعد قطعها، بل تظهرُ القيامةُ من هذه الدنيا بعد خرابها، كما تظهرُ الشجرة من النواة، فإن النواةَ تنشقُّ، وينفُضَ قِشرهَا، وتفنى صورتُها، ثم تظهر من حاقها الشجرة، كذلك الدنيا بعد الانفطار والاندِكَاكِ تفنى وتنعدِم، ومنها تخرجُ القيامة. وليست القيامةُ في بقعة أخرى وموطن غيرها، بل يسوَّي لها ذلك المكان وذلك الموطن.