للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (٩٦)} [الكهف: ٩٦] أَصْبُبْ عَلَيْهِ رَصَاصًا، وَيُقَالُ: الْحَدِيدُ، وَيُقَالُ: الصُّفْرُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: النُّحَاسُ. {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ} [الكهف: ٩٧] يَعْلُوهُ، اسْتَطَاعَ اسْتَفْعَلَ، مِنْ أَطَعْتُ لَهُ فَلِذَلِكَ فُتِحَ أَسْطَاعَ يَسْطِيعُ، وَقَالَ بَعْضُهُمُ: اسْتَطَاعَ يَسْتَطِيعُ. {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (٩٧) قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ} [الكهف: ٩٧ - ٩٨] أَلْزَقَهُ بِالأَرْضِ، وَنَاقَةٌ دَكَّاءُ لَا سَنَامَ لَهَا، وَالدَّكْدَاكُ مِنَ الأَرْضِ مِثْلُهُ، حَتَّى صَلُبَ مِنَ الأَرْضِ وَتَلَبَّدَ. {وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (٩٨) وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} [الكهف: ٩٨ - ٩٩]. {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (٩٦)} [الأنبياء: ٩٦ - ٩٦]

قَالَ قَتَادَةُ: حَدَبٍ: أَكَمَةٍ، قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَيْتُ السَّدَّ مِثْلَ الْبُرْدِ الْمُحَبَّرِ. قَالَ «رَأَيْتَهُ؟». ١٦٨/ ٤

٣٣٤٦ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ زَيْنَبَ ابْنَةَ أَبِى سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِى سُفْيَانَ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ - رضى الله عنهن أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَيْهَا فَزِعًا يَقُولُ «لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ». وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ الإِبْهَامِ وَالَّتِى تَلِيهَا. قَالَتْ زَيْنَبُ ابْنَةُ جَحْشٍ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ قَالَ «نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الْخُبْثُ». أطرافه ٣٥٩٨، ٧٠٥٩، ٧١٣٥ تحفة ١٥٨٨٠

قوله: ({وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ}) وفيه عِدَّةُ فوائد:

الفائدة الأولى في تحقيق الإسكندر:

ولا ريب في كونه رجلًا صالحًا. أمَّا إنه كان نبيًا، أو وليًّا، فالله تعالى أعلم به. والذي يَظْهَرُ أنه ليس بالاسكندر اليونانيِّ، وإليه ذهب الرازي (١)، والحافظ. فإن أرسطو


(١) قلتُ: وقد تكلَّم عليه الحافظُ علي في "الفتح" مبسوطًا، وأنا آتيكَ ببعض كلماته. قال: وفي إيراد المصنِّف ترجمة ذي القرنين، قبل إبراهيم، إشارةٌ إلى توهين قول من زَعَمَ إنه الاسكندرُ اليونانيُّ، لأن الاسكندرَ كان قريبًا من زمن عيسى عليه السلام، وبين زمن إبراهيم، وعيسى عليهما السلام أكثر من ألفي سنةٍ. والذي يَظْهَرُ أنه الاسكندرُ المتأخِّرُ، لُقِّبَ بذي القرنين تشبيهًا بالمتقدِّم، لسَعَةِ ملكه، وغلبته على البلاد الكثيرة. والحقُّ إن الذي قصَّ اللهُ نبأه في القرآن، هو المتقدِّم.
والفرق بينهما من أوجهٍ، ثم ذكر في ثاني الأَوْجُهِ، قال الفخر الرازيُّ في "تفسيره": كان ذو القرنين نبيًّا، وكان الاسكندر كافرًا، وكان معلمُه أرطاطاليس، وكان يأتَمِرُ بأمره، فهو من الكُفَّار بلا شك. أمَّا الكلامُ في السد، فَرَوَى الحديثَ فيه عن الطبراني، وغيره، ولم يَجْنَحْ إلى جانبٍ في هذا الموضع. وتكلَّم عليه في، الفتن"، فلينظر ثَمَّة.
وحقَّق نحوَه الشيخُ العينيُّ في "عمدة القاري"، ثم نَقَلَ الخلافَ في كونه نبيًّا أو لا، وكذلك في زمانه، فنقل عن الثَّعَالبي في الأوَّلِ أنه قال: الصحيحُ إن شاء الله أنه كان نبيًّا غير مرسلٍ، وفي الثاني: أن الأصحَّ أنه كان في أيَّام إبراهيم عليه الصلاة والسلام. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>