للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لفقدان السياق، ولأن نوع الارتباط في الكلام، غير نوع الارتباط في التأليف، وبتباين النوعين يجيء الخبط.

قوله: (يحوي لها وراءه) كان من عادتهم أنهم يشدون ثوبًا على سنام البعير، ليأخذه من يجلس خلفه.

قوله: (نهى عن متعة النساء يوم خيبر) واعلم (١) أن الرواية في إباحة المتعة على أنحاء، يعلم من بعضها أن إباحتها كانت في تبوك (٢)، وفي بعضها أنها كانت في فتح مكة، وفي أخرى أنها كانت يوم خيبر، والصواب أن ذكر تبوك وهم. وإنما أحلت في فتح مكة. ثم نهي عنها، وحقق ابن القيم في "زاد المعاد" أن ذكر النهي عنها يوم خيبر لا يصح بحال، واشتبه عليه الحال، حيث كان قوله يوم خيبر متعلقًا بالنهي عن لحوم الحمر فقط، فجعله متعلقًا بالنهي عن المتعة أيضًا، كيف: وأن النساء كلهن يؤمئذ، لم يكن إلا من اليهود، والصحابة لم يكونوا يستمتعون باليهوديات، وأما من ذكرها في حجة الوداع، فقد تكلم بكلام يشبه الأغلوطات، فإن المراد منها متعة الحج، دون متعة النكاح، ثم إن المتعة هي نكاح بلفظ المتعة، بضرب مدة بلا شاهدين، بخلاف النكاح المؤقت، ويحث (٣) هناك الشيخ ابن الهمام، وقال: إن المعاني الفقهية لا تدور


(١) قلت: ومما ينبغي أن يعلم أن المتعة مما وقع فيه النسخ مرتين، كالقبلة، على ما حرره النووي، حيث قال: إنه حرمها يوم خيبر، وفي عمرة القضاء، ثم أباحها يوم الفتح للضرورة، ثم حرمها يوم الفتح أيضًا تحريمًا مؤبدًا، اهـ، وبهذا تجتمع الروايات في ذلك، قال القاضي عياض: ويحتمل ما جاء من تحريم المتعة يوم خيبر، وفي عمرة القضاء، ويوم الفتح، ويوم أوطاس أنه جدد النهي في هذه المواطن، لأن حديث تحريمها يوم خيبر صحيح، لا مطعن فيه، بل هو ثابت من رواية الثقات والأثبات، لكن في رواية سفيان أنه نهى عن المتعة، وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر، فقال بعضهم: هذا الكلام فيه انفصال، ومعناه أنه حرم المتعة، ولم يبين زمن تحريمها، ثم قال: ولحوم الحمر الأهلية يوم خيبر، فيكون يوم خيبر لتحريم الحمر الأهلية خاصة، ولم يبين وقت تحريم المتعة، ليجمع بين الروايات، قال هذا القائل: هذا هو الأشبه، قال القاضي: هذا أحسن لو ساعده سائر الروايات: عن غير سفيان، إلخ، "نووي". قال الحافظ في "الفتح" الظاهر أن قوله: زمن خيبر ظرف للأمرين، وحكى البيهقي عن الحميدي أن سفيان بن عيينة كان يقول: قوله: يوم خيبر يتعلق بالحمر الأهلية، لا بالمتعة، قال البيهقي، وما قاله محتمل، يعني في روايته هذه، وأما غيره، فصرح أن الظرف يتعلق بالمتعة، اهـ. قلت: وما ذكره الحافظ عن سفيان هو الذي ذكره ابن القيم في "الهدى، في فصل المتعة" وقد بسطه من قبل في غزوة الفتح، وهو المحرر عند الشيخ.
(٢) رواه إسحاق بن راشد عن الزهري عن عبدالله بن محمد بن علي عن أبيه عن علي، قال النووي: وهذا غلط منه، ولم يتابعه أحد على هذا، رواه مالك في "الموطأ" وسفيان بن عيينة، والعمري، ويونس، وغيرهم عن الزهري، وفيه يوم خيبر.
(٣) قلت: قال الشيخ ابن الهمام: ولا دليل لهؤلاء على تعيين كون نكاح المتعة الذي أباحه - صلى الله عليه وسلم -، ثم حرمه، هو ما اجتمع فيه مادة "م - ت - ع" إلى أن قال: ولم يعرف في شيء من الآثار لفظ واحد ممن باشرها من الصحابة، بلفظ: تمتعت بك، ونحوه، اهـ. فلينظر فيه، ثم نظرت في سجود التلاوة من "فتح القدير" لأعلم ماذا إيراده في المسألة الثانية، فوجدته قد تعرض إلى المسألة، إلا أني لم أجد فيه إيرادًا عنه، فلينظر؛ فلعله يكون في تصنيف أخر له، أو وقع مني السهو، عند الأخذ عنه والله تعالى أعلم بالصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>