قد قلت للشيخ لما طال مجلسه: ... يا صاح هل لك في فتوى ابن عباس؟ وهل لك في رخصة الأطراف آنسة، ... تكون مثواك حتى مصدر الناس؟ فقال: سبحان الله! ما بهذا أفتيت، وما هي إلا كالميتة، والدم، ولحم الخنزير، ولا يحل إلا للمضطر، وهكذ ذكره الخطابي في "معالم السنن" ص ١٩٣، ثم قال الخطابي: إنه سلك فيه مذهب القياس، وشبه بالمضطر إلى الطعام، وهو قياس غير صحيح، لأن الضرورة في هذا الباب لا تتحقق، كهي -في باب الطعام- الذي به قوام الأنفس، وبعدمه يكون التلف، وإنما هذا من باب غلبة الشهوة، ومصابرتها ممكنة، وقد تحسم مادتها بالصوم والعلاج، فليس أحدهما في حكم الضرورة، كالآخر. ونقل الخطابي قبيل هذا أن ابن عباس كان يتأول في إباحته للمضطر إليه بطول الغربة، وقلة اليسار، والجدة، ثم توقف عنه، وأمسك عن الفتوى به.