للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عمر أن يشربوه، فقال له عُبادة بن الصامت: «أحللتها والله»، فقال عمر: «كلا والله، اللهم إني لا أحلُّ لهم شيئًا حرمتَه عليهم، ولا أحرِّمُ عليهم شيئًا أحللته لهم».

وله أيضًا ما في الطحاوي أثر عمر الفاروق عن فهد، قال: حدثنا عمر بن حفص، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا الأعمش، قال: حَدَّثني إبراهيم، عن همام بن الحارث، عن عمر: أنه كان في سفر، فأتي بنبيذ، فشرب منه، فقطَّب، ثم قال: «إن نبيذ الطائف له غرام»، فذكر شِدةً لا أحفظها، ثم دعا بماء فصب عليه، ثم شرب، بسند صحيح. وفي الطحاوي لفظ: «وله غرام» - بالغين المعجمة - وهو غَلَطٌ. والصحيح - بالعين المهملة - كما قال النحاس في كتاب «الناسخ والمنسوخ» تلميذ الطحاوي، وهو الذي أجاب عن أدلتنا جميعها من جانب الجمهور.

وقال الحافظ: إن هذا أصح الآثار، وفيه: حدثنا رَوْح بن الفرج، قال: حدثنا عمرو بن خالد، قال: حدثنا زهير، قال: حدثنا أبو إسحاق عن عمر، وابن ميمون مثله، وزاد، قال عمر: وكان يقول: «إنا نشرب من هذا النبيذ شرابًا يقطع لحوم الإِبل في بطونها، من أن يؤذينا»، قال: «وشربت من نبيذه، فكان أشدَّ النبيذ»، وفيه: حدثنا ابن أبي داود، قال: حدثنا أبو صالح، قال: حدثني الليث، قال: حدثنا عقيل عن ابن شهاب، أنه قال: أخبرني معاذ بن عبد الرحمن بن عثمان الليثي أن أباه عبد الرحمن بن عثمان. قال: صحبت عمر بن الخطاب إلى مكة، فأَهدَى له ركب من ثقيف سطيحتين من نبيذ، - والسطيحة: فوق الإِدَاوة، ودون المَزَادة - قال عبد الرحمن: فشرب عمر إحداهما، ولم يشرب الأخرى حتى اشتد ما فيه، فذهب عمر، فشرب منه، فوجده قد اشتد، فقال: «اكسروه بالماء»؛ وأسانيد الكل صحاح، وفي سند الثالث معاذ بن عبد الرحمن بن عثمان الليثي، وهو سهو من الكاتب، والصحيح: التيمي، وله آثار أخر في «كتاب الآثار» لمحمد بن الحسن قوية السند.

وأجاب عنه الجمهور، وبعض الأجوبة نافذ لا البعض الآخر، وأجاب الحافظ عما أخرجه أبو داود في «الفتح» بأن الاشتداد لم يكن واقعًا، بل كان خوف الاشتداد، ولقوله: «نفاذ»، سيما إذا كان في الدارقطني عن أبي هريرة، لفظ: «خشية الاشتداد»، وأما جواب أثر «الموطأ» نقول: إن ذكر الإِسكار ليس فيه، فالجواب أنَّ مراد عُبادة، أن نبيذ التمر، أو العنب لا يكون دائمَ البقاء، إلا أن يصير خمرًا، أو خلا، وإذا طبخ، فيصير دائمَ البقاء، فإما يصير خلًا، وهو حلال، أو خمرًا فيكون حرامًا، والناس يشربونه على إفتائك، ويكون حلوًا.

فالحاصل أنه يصير مسكرًا بعد مدة يسيرة، فيشربه الناس، ويزعمون أنه حلوٌ، ويُسكرهم هذا، فهذا الأثَرَ لم يتعرض إليه الحافظ، لكنه تعرَّض إلى آثار الطحاوي،

<<  <  ج: ص:  >  >>