للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (وقال الحسن) وكذلك المسألة عندنا، إلا أنَّه إذا نَزَع خُفية يغسل رجليه فقط، ولا يعيد الوضوء.

قوله: (وقال أبو هريرة): قلت: وعنه في تفسير الحديث أنَّه (١) ... البخاري فيخالف البخاري أيضًا، لأنه أخصُّ من الخارج من السبيلين أيضًا، فإِذن هو نحو تعبير فقط.

(ويذكر عن جابر رضي الله تعالى عنه) ... إلخ وأخرجه أبو داود وإنما عبَّر عنه بالتمريض لأنَّ في إسناده عبد الله بن محمد بن عَقيل. وحسَّنَ بعضُهم حديثَه وهو الراجح عندي. قال الترمذي: وعبد الله بن محمد بن عَقيل هو صدوق، وقد تَكَلَّم فيه بعض أهل العلم من قِبَل حفظه وسمعت محمد بن إسماعيل يقول: كان أحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم والحُميدي يحتجون بحديث عبد الله بن محمد بن عَقيل. قال محمد (يعني البخاري) وهو مُقارِبُ الحديث.

قلت: والاستدلال منه غير تام، لأنَّه لم يَعلم أنَّه هل بَلَغَ خبرُه إلى النبي صلى الله عليه وسلّم أم لا؟ ثم إن الدم نجس بالاتفاق، فكيف مضى في صلاته مع وجود الدم النجس. قال الخَطَّابي في باب الوضوء من الدم في قصة رجلين كان النبي صلى الله عليه وسلّم بعثهما للحراسة على فم الشِّعب. وقول الشافعي رحمه الله تعالى قويٌّ في القياس، ومذاهبهم أقوى في الاتباع. ولست أدري كيف يصح هذا الاستدلال من الخبر والدم إذا سالَ أصاب بدنَه وجلدَه، وربما أصاب ثيابه، ومع إصابته شيء من ذلك - وإن كان يسيرًا - لا تصح الصَّلاة عند الشافعي رحمه الله تعالى، إلا أن يقال: إن الدمَ كان يخرجُ من الجِراحَة على سبيل الذوق، حتى لا يصيبُ شيئًا من ظاهر بدنه، ولئن كان كذلك فهو أمر عجب.

والوجه عندي أنه كان إبقاءً رجاءً للرحمة، فإنَّ الشهيد يجيءُ يوم القيامة واللونُ لون الدم والريحُ ريحُ المسك، فهذا من باب المناقب كالموت في السجدة. وكما في البخاري في قِصة شهادة القرَّاء، حيث استشهد رجلٌ من أصحابه صلى الله عليه وسلّم فخرجَ منه الدمُ فأخذ من دمِهِ وجعل يمسَحَه على وجهه ويقول: فُزت ورب الكعبة. ولم يبحث هناكَ أحدٌ أنَّ مسحَ الدم على الوجه كيف هو. وكقوله في رجل مات في إحرامه: «لا تخمِّرُوا رأسَه .... فإِنَّه يُبعث يوم القيامة مُلبيًا» فإنَّه من باب البِشارة. وحملَه الخصومُ على الحكم الفقهي وليس بجيد وسنقرِرُه في موضعه إن شاء الله تعالى.

قوله: (وقال الحسن) ... إلخ أي البصري ويمكنُ أن يُحمل على مسألة المعذورِ عندنا وهذه المسألةُ ذكرها الكبير أحسن من الكل. ثم إنهم ذكروا مسألة ابتداء العُذر، أي متى يصير معذورًا وهو بإحاطة الوقت، ومسألة بقائه وهو بظهوره مرة في وقت الصَّلاة، ولم يتعرضوا إلى أنَّه ماذًا يفعل في ابتداءِ عُذْرِه، فهل ينتظر إلى أَنْ يمضي الوقت فيتبين أنَّه كان معذورًا أولا، ثم يُصلي ويقضي ما فاته، أو يتوضأ ويصليِّ قبل التَّبيُّنِ ولم أرها إلا في «القنية» وفيها: أنَّه يتوضأ ويصلِّي مع عُذْرِهِ، فإِنْ أحاط عذرُه بالوقتِ صحت صلاته وإلا فيُعِيدُها.


(١) سقطت ههنا من الضبط كلمات ففات الغرض من الحوالة (المصحح).

<<  <  ج: ص:  >  >>