وقد ظهر لك الجوابُ عمَّا أَوْرَدَهُ البُخَاريّ ممَّا فَصَّلْنَا لكَ مِنْ مَذْهَبِ الإِمامِ الهُمَامِ، فلا نَطولُ الكلامَ بذكرهِ؛ وفي تقريرٍ مِنْ شيخِ الهند رحمه الله تعالى عندي، أَنَّ ما احتجَّ به البُخاري -مِنْ قَولِهِ - صلى الله عليه وسلم -: "المسلمُ أخُ المسلم"- بعد الإِمعانِ، حجةٌ لنا، فإِنَّ المكْرَهِ إذا بَاعَ مالَهُ، وأَنْقَذَ أَخَاهُ مِنَ القَتْلِ، فقد أعَانَ أخاهُ المُسْلمِ أَلْبَتَةَ، حيث رضيَ بإِضْرَارِ نَفْسِهِ، وآثَرَهُ على ضَرَرِ أخِيِهِ، بخلافِ ما إذا قُلنا: إنَّ بَيْعَهُ غيرُ معتبرٍ، فإنَّه بالبيعِ على هذا التَّقْدير لم يَتَحَمَّل ضررًا على نفسِهِ، فإِنَّ ماله بَعْدَ زَوَالِ الإِكرَاهِ، يَرْجِعُ إلى مِلكه فلم يتَضَرَّر بشيءٍ، والأخوة في الإِعانة مع الرِّضاء بالتَّضَرُّرِ، أَظهَرُ منها بدونِه، وحينئذٍ فالحديثُ أصدقُ على مَذْهَبِنَا، واللهُ تعالى أعلمُ بالصَّوابِ.