اختلاطه يؤثر فيما يروى من حفظه، وظَنِّي أنَّ روايتهَ هذه عن الصحيفة، لأنَّه يروي ههنا عن أبي الأَسود وكان عنده صحيفة منه، فإذا كانت روايته تلك عن الصحيفة فلا يضرُّ اختلاطه أصلًا. ولما صحَّت الروايتان في تَعَدُّدِ القصة، هان علينا أن نلتزم تَعَدُّدَ القِصَّتين.
قوله:(يطْعَن) بفتح العين، بمعنى الطعن باليد أو غيرها فهو للطعن حِسًّا، وبضم العين للطعن مَعْنًى.
قوله:(فأَنزلَ اللهُ آيةَ التيممِ) وقد مرَّ الكلامُ فيه أنَّ المرادَ منها آية المائدة.
٣٣٥ - قوله:(أُعطيتُ خمسًا) ومفهوم العدد غير مُعتبر عند الكل، فلا تكون الخصائص منحصرة في هذا العدد فقط، حتى إن السيوطي رحمه الله تعالى صنف فيها تصنيفًا مستقلًا، سماه بـ «الخصائص الكبرى»، وعَدَّ فيه خصائصه تزيد على المئات.
قوله:(جُعِلَت لي الأَرضُ) وقد مرَّ أنَّ الأممَ السابقة كان فيهم التوسيع في الأوقات، والتضييق في الأمكنة بعكس هذه الأمة، فعلينا التضييق في الأوقات، والتوسيع في الأمكنة، وصِفتُنا في الكتب السابقة: أمةٌ يراقِبون الشَّمس، فأوقاتُ صلاتنا وُزِّعت على أحوال الشمس من الطلوع، والغروب، والدُّلوك. وعند الدَّارِمي: ويصلون ولو في الكُناسة.
قلت: وهذا لا ينافي الطهارة، لأنَّه أُخْرِج مُخْرجَ المبالغة، والمعنى: أنهم يراقبون الأوقات فيصلون أينما أدركتهم الصلاة ولو في الكُناسة، وهو قوله صلى الله عليه وسلّم «صَلُّوا في مَرَابِضِ الغنم». فالصلاة في مرابض الغنم كان لهذا، لا لطهارة أزبال مأكول اللحم كما فَهِمَه الذاهبون إليها، وقد مَرَّ تفصيله فتذكره.
قوله:(طَهورًا) واستدل به المالكية أَنَّ الماءَ لا يكونُ مستعملًا أبدًا، لأنَّ الله تعالى وصَفَهُ بالطَّهور، فقال:{وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَآء مَآء طَهُورًا}(الفرقان: ٤٨) والطَّهور ما يطهر مرةً بعد أخرى. فلو قلنا: إنه لا يَطْهُر بعد الاستعمال - وإن بقي طاهرًا - لم يصحَّ وَصْفُه بالطُّهورية. وأجاب عنه الشيخ ابن الهُمَام رحمه الله تعالى في «الفتح» فراجعه.
قلت: وأوزان صِيغ المبالغة أربعةٌ في الصرف، والذي وُضع لمعنى التَّكرار هو وزن فَعَّال